في مشهد يعكس تطلعات الليبيين نحو مستقبل أكثر شمولية واستقرارًا، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عزمها إطلاق عملية سياسية شاملة لأول مرة منذ حوار جنيف. هذه المبادرة تأتي في وقت حساس تمر فيه البلاد بتحديات سياسية واجتماعية عميقة، وسط ضغوط داخلية وخارجية لإيجاد حلول مستدامة للأزمة.
أعلنت البعثة عن عقد جلسة تشاورية في العاصمة طرابلس، جمعت 28 امرأة بارزة من مختلف الأطياف الليبية، بما في ذلك عضوات من مجلسي النواب والدولة، ومنظمات المجتمع المدني. هذه الجلسة تركزت على تحديد أولويات المرحلة المقبلة، من خلال طرح رؤى وآراء تسهم في تحقيق مشاركة سياسية عادلة للمرأة، التي ظلت لسنوات تعاني من التهميش في القرارات الوطنية.
في رسالة مصورة، أكدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على خوري، التزام البعثة ووكالات الأمم المتحدة بضمان مشاركة المرأة الليبية مشاركة كاملة ومتساوية في جميع العمليات السياسية.
تُعتبر هذه العملية أول محاولة حقيقية لجعل الشمولية جزءًا أساسيًا من المشهد السياسي الليبي. ومنذ حوار جنيف، الذي كان محورًا في مسار التحول السياسي، ظلت المبادرات الدولية محدودة التأثير لغياب الشمولية وتمثيل الفئات الهامشية، وأبرزها المرأة.
إن تخصيص جلسة تشاورية تسلط الضوء على دور المرأة يحمل رمزية واضحة: العملية السياسية المقبلة يجب أن تشمل الجميع، رجالًا ونساءً، دون استثناء.
لكن هذه الخطوة، رغم أهميتها، لا تخلو من التحديات. ففي مجتمع يعاني انقسامًا سياسيًا ومؤسساتيًا حادًا، تبقى مسألة تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار بعيدة عن التطبيق الكامل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإرادة السياسية المطلوبة لتحقيق مثل هذه الشمولية ما زالت غير واضحة المعالم.
إلى جانب التحديات الداخلية، تواجه البعثة الأممية ضغوطًا دولية لتحقيق نتائج ملموسة في ظل التنافس الجيوسياسي على الساحة الليبية.
رغم المعوقات، تسعى المرأة الليبية لإثبات قدرتها على لعب دور محوري في صياغة المستقبل السياسي للبلاد. مشاركتها في جلسات طرابلس التشاورية تعكس إصرارها على أن تكون شريكًا متكافئًا في صناعة القرار.
تاريخيًا، كانت المرأة الليبية حاضرة في مفاصل النضال الوطني والاجتماعي، لكن المرحلة الراهنة تفرض عليها تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات مدروسة وقيادة متفانية لتحقيق تطلعاتها.
العملية السياسية التي تعتزم البعثة الأممية إطلاقها تعد بتحقيق شمولية لم يسبق لها مثيل في ليبيا. لكن نجاحها يعتمد على عدة عوامل، أبرزها:
إن الإعلان عن هذه المبادرة الأممية يحمل في طياته بصيص أمل لليبيين، وخاصة النساء، في رؤية وطن يسوده السلام والعدالة والمساواة. ومع اقتراب تنفيذ هذه العملية، ستتجه الأنظار إلى قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم وبناء نظام سياسي شامل يعكس طموحات جميع فئات المجتمع.