حنا تيته في ليبيا.. وساطة أم اختبار جديد للبعثة؟
في ظل الجمود السياسي الذي تعيشه ليبيا، تحاول رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم، ” حنا سيروا تيتيه“، تحريك المياه الراكدة عبر جولة لقاءات مع الأطراف الليبية والدبلوماسيين الدوليين، في مسعى لإيجاد توافق يمهد الطريق نحو الانتخابات الوطنية. ولكن، هل تنجح الأمم المتحدة في توحيد الرؤى الليبية المتباينة، أم أن وساطة تيتيه ستُختبر أمام تعقيدات المشهد السياسي؟
بدأت تيتيه جولتها بلقاء رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الذي شدد على أن أي حل يجب أن يكون ليبيًّا خالصًا، مؤكدًا أن الانتخابات تظل أولوية قصوى لتجديد شرعية مؤسسات الدولة وإنهاء المراحل الانتقالية المتكررة. وأشار المنفي إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي لهذه العملية، مع احترام إرادة الليبيين في تحديد مستقبلهم السياسي.
من جانبه، أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، خلال اجتماعه مع تيتيه، على أهمية تجاوز الجمود السياسي من خلال عملية شاملة تضمن تمثيل جميع الأطراف الليبية. واعتبر أن المصالحة الوطنية تمثل حجر الزاوية لأي تقدم حقيقي على المسار السياسي، داعيًا إلى تكاتف الجهود المحلية والدولية لإنجاح هذه المساعي.
لم تقتصر لقاءات تيتيه على المسؤولين الليبيين، بل التقت بعدد من السفراء الأجانب، في مقدمتهم السفير الروسي، الذي ناقش معها إمكانية دعم بلاده للمسار السياسي في ليبيا. كما التقت بالسفير التركي، حيث دار الحديث حول أهمية توافق دولي على دعم الانتخابات، دون أن تكون هناك تدخلات تؤثر على إرادة الليبيين.
لم تكتفِ تيتيه بزيارتها للعاصمة طرابلس، بل توجهت إلى بنغازي لعقد لقاء مع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي أبدى استعداده لدعم أي جهود أممية تهدف إلى تحقيق توافق وطني ينهي حالة الانقسام السياسي. وجرى خلال اللقاء استعراض العقبات التي تواجه العملية السياسية، لا سيما ما يتعلق بتوحيد المؤسسات السيادية وتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة.
رغم الجهود التي تبذلها تيتيه، فإن التحديات لا تزال كبيرة، بدءًا من الخلافات حول القوانين الانتخابية، مرورًا بتباين مواقف الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي، وصولًا إلى استمرار التأثيرات الخارجية التي تعقّد فرص تحقيق توافق حقيقي.
تطرح هذه الجولة الأممية تساؤلات حول مدى قدرة حنا تيتيه على تجاوز العقبات التي أعاقت أسلافها، وهل ستحقق تقدمًا ملموسًا نحو إنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا، أم أنها ستواجه نفس المصير الذي واجهته الجهود السابقة؟ الأيام المقبلة ستكون الفيصل في تحديد مدى نجاح هذه المساعي الأممية.