قال الباحث القانوني والمهتم بالشأن السياسي، عبد الله الديباني، إن القيادة العامة للجيش الليبي تتبع اليوم استراتيجية واضحة، وتنفذها عمليًا على الأرض”.
وأضاف الديباني في حديث لقناة الوسط، بما في ذلك تأمين الاجتماعات الدولية التي تضم رؤساء مخابرات ووفود رسمية من الدول المختلفة”.
وتابع، أن “استضافة الاجتماعات الدولية في بنغازي، وتأمينها على نفقة القيادة العامة للجيش، تعكس قوة المؤسسة العسكرية وفاعليتها في إدارة الملف الليبي، حتى بالنسبة للجهات التي لا تتبع الحكومة الليبية”.
وأكد أن “هذه الخطوات تؤكد مكانة القيادة العامة كمرجعية أساسية لكل من يريد المشاركة في الأزمة الليبية، حيث أصبح “الحج” للقيادة جزءًا من الواقع السياسي الحالي”.
وبين أن “القيادة العامة أعلنت عن استراتيجيتها وبدأت في تنفيذها بالفعل، ما يعكس واقعًا ملموسًا على الأرض رغم استمرار غياب حل سياسي شامل للأزمة، كما يدحض فرية التخبطات أو عدم وجود استراتيجية للقيادة”.
ولف إلى أن “التطورات الأخيرة في المؤسسة العسكرية، بما في ذلك تنفيذ رؤية المشير خليفة حفتر 2030، ودعم القيادات الشبابية داخل المؤسسة”.
وأكمل؛ “تظهر من خلال القرارات الجديدة بعد تنصيب الفريق أول ركن صدام حفتر نائباً للقائد العام، والفريق أول خالد حفتر في رئاسة الأركان، بالإضافة إلى التعديلات في الوحدات الأمنية ورئاسات الأركان العامة، ما يعكس إعادة هيكلة استراتيجية للمؤسسة العسكرية وتعزيز قدرتها على ضمان الأمن القومي”.
وفي ردّه على سؤال بشأن الاعتراف الدولي، أكد الديباني أن “الاعتراف لا يعتمد دائمًا على مفهوم الشرعية الرسمية”، مشيرًا إلى أن “الدول اليوم تتعامل مع الأطراف التي تتحكم فعليًا على الأرض، بغض النظر عن شرعيتها القانونية أو الدستورية”.
وأضاف أن “هذا المنطق هو الذي يقف وراء الاجتماعات الدولية والزيارات الدبلوماسية المختلفة”، مؤكداً أن “الاجتماعات الأخيرة لرؤساء المخابرات بحضور رئيس المخابرات التابع للمجلس الرئاسي، والمرتبطة برئاسة الأركان، تمثل دليلاً على قدرة المؤسسة العسكرية على ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة الشرقية والجنوبية التي تسيطر عليها”.
وأوضح الديباني أن “هذا التأمين العسكري يعكس وجود مؤسسة قادرة على إدارة أي اجتماع دولي رفيع المستوى، ما يعزز موقف ليبيا في الحفاظ على استقرار مناطقها، سواء في برقة أو في الغرب”، مؤكدًا أن “الشرعية الدولية ترتبط اليوم بالقدرة على التحكم الفعلي في الأرض”.
وأشار إلى أن حكومة الدبيبة، “فقدت الاعتراف الدولي، حيث لم تعد الدول تتعامل معها رسميًا، بل تركز المبادرات الدولية، بما في ذلك الأممية، على تشكيل حكومة جديدة قادرة على إدارة البلاد بشكل فعال”.
وأكد الديباني أن “مفهوم الشرعية الضمنية لا يزال موجودًا، لكنه مرتبط بالقدرة على تنفيذ القرارات على الأرض وتأمين الاستقرار، وهو ما يجعل السيطرة الفعلية أداة مهمة لتعزيز مكانة أي طرف سياسي أو حكومي في ليبيا”.
في جانب أخر، أوضح الديباني أن “الاتفاقية البحرية الليبية أثارت معارضة قوية من دول الجوار، وعلى رأسها مصر واليونان، ما أدى إلى توتر الأوضاع السياسية بين مصر وتركيا واليونان”.
وتابع؛ “وساهم في الحاجة الملحة لتحديد الحقوق والمصالح البحرية في المنطقة. مبيناً أن هذه المنطقة البحرية غنية بالموارد الطبيعية مثل الغاز والثروات الأخرى، ما يجعلها محل اهتمام دولي وإقليمي كبير”.
منوهاً إلى أن “السياسة التركية، خاصة بعد الاجتماع الأمني الذي عُقد في بنغازي، وحضره عدد كبير من رؤساء المخابرات العامة الأفريقية وبعض أجهزة المخابرات الإقليمية، تشير إلى تحرك خارجي واسع ومدروس، بما يعكس دور المبادرة الأممية والقرب من المبادرة الأمريكية لتحقيق الاستقرار في ليبيا”.
وأشار الديباني إلى أن “الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الأتراك والمصريين، بما في ذلك زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى بنغازي، تؤكد وجود توافق سياسي بين مصر وتركيا فيما يتعلق بمستقبل شرق ليبيا”.
موضحاً أن “مصر تتعامل مع سلطتين متوازنتين في المنطقة، هما السلطة التشريعية المدعومة، والقيادة العامة للقوات المسلحة، كجزء من استراتيجية الأمن القومي المصري، لضمان السيطرة على الحدود والمنطقة الحيوية”.
وأوضح الديباني أن “القاهرة أصبحت اليوم ركيزة أساسية في التعامل مع الأزمة الليبية، مؤكداً أن زيارات المبعوثين الدوليين، وعلى رأسهم المستشار الأمريكي مسعد بولس، لمصر تؤكد دور القاهرة كجزء مهم في المعادلة الليبية”.
وأردف أن “هذه الزيارات تؤكد اعتراف المجتمع الدولي بأهمية مصر في التأثير على الاستقرار السياسي في ليبيا”.
وحول إجراء الانتخابات، أكد أن “العملية الانتخابية في ليبيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة على مستوى القوانين وآليات التنفيذ، مشيراً إلى أنه حتى هذه اللحظة لم يتم التوصل إلى تفاهمات واضحة بشأن القوانين المنظمة للانتخابات”.
ولفت الديباني إلى أن “بعض الأطراف، تسعى لتقييد مشاركة عدد من المرشحين بحجج مختلفة، مثل الجنسية أو الانتماء العسكري أو مزاعم فساد قديمة، معتبراً أن هذا الإقصاء غير مقبول، لأنه يعيق التعبير الحر للشعب عن إرادته واختياره لمن يحكم البلاد”.
وختم موضحًا؛ “إذا أردنا أن تكون الانتخابات تعبيرًا حقيقيًا عن حرية الرأي واختيار الشعب، يجب السماح لجميع المرشحين المؤهلين بالمشاركة دون قيود تعسفية”.