ليبيا الان

عقيل: الهدف مما يجري في طرابلس تشكيل حكومة جديدة وفق الصراط الأمريكي المستقيم

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

قال الكاتب والباحث السياسي عز الدين عقيل، إن “مسيرة التخلص من أمراء الحرب في العاصمة طرابلس بدأت منذ زيارة قائد الأسطول السادس الأمريكي إليها، ونزوله على رصيف الميناء وإعلانه أن واشنطن تأتي إلى ليبيا بـ «سلام القوة»”.

وأضاف عقيل في لقاء تلفزيوني على قناة العربية الحدث، أن “الأخير جمع السلطات على متن سفينته، فيما لم يتضح حتى الآن طبيعة التعليمات التي أصدرها لهم”.

وأوضح عقيل أن “هناك شخصيات تُحضَّر لها ملفات في المحكمة الجنائية الدولية”، مشيرًا إلى أن “الأمر بدأ بقائد الشرطة القضائية في إشارة إلى «أسامة نجيم» الذي أطلق سراحه في إيطاليا وترك وراءه أزمة كبيرة، إلى جانب آخرين يُقال إن ملفاتهم تُنسج حاليًا في أروقة المحكمة”.

وتابع؛ أن “بعض القادة تمت تصفيتهم مثل غنيوة الككلي، وربما تشمل العملية شخصيات أخرى مرتبطة بالأزمة الراهنة، مؤكداً أن هذا المسلسل مستمر منذ مجيء قائد الأسطول السادس”.

وأردف أن “الدول الغربية ورّطت ليبيا في حربين أساسيتين ويبدو أنها تدفع نحو حرب ثالثة”، موضحًا أن “الحرب الأولى كانت «فجر ليبيا» عام 2014 التي شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل كامل، حيث لعبت السفيرة ديبورا جونز دورًا مباشرًا في إدارة الموقف حتى خروجها من البلاد، بعد أن توقفت المعارك لساعات فقط لتمكينها من العبور إلى تونس، في حين أسفرت تلك الحرب عن تدمير مطار طرابلس العالمي وأكثر من خمسين طائرة، وانتهت بتقسيم سياسي للبلاد وظهور حكومتين متوازيتين لأول مرة”.

أما الحرب الثانية، بحسب عقيل، “فقد اندلعت عام 2019 وكان للولايات المتحدة دور بارز فيها من خلال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومستشاره جون بولتون، وأدت تلك المواجهة إلى تقسيم جغرافي للبلاد، حيث أفرزت خط هدنة أشبه بواقع «القبرصيتين» أو «الألمانيتين» على وقع جدار برلين، أو حتى «الكوريتين الشمالية والجنوبية». و

أضاف: “اليوم يبدو أن واشنطن تفكر في إعادة توحيد المفكك، ولكن وفق المسار الأمريكي”.

وفيما يخص الأزمة الراهنة، اعتبر عقيل أن “السؤال حول استمرار عبد الحميد الدبيبة في منصبه غير دقيق”، موضحًا أن “هذه الحرب ليست حرب الدبيبة بحد ذاته، لأن خوضه لمثل هذه المواجهة سيقود إلى حرب أهلية ضروس”.

ولفت إلى أن “شيوخ الجماعات المسلحة الذين هددوا الدبيبة يمثلون أمراء حرب، وهؤلاء يدركون أنهم سيكونون الضحايا المقبلين إذا سمحوا بإسقاط «قوة الردع»، ولذلك فإن الأمر بالنسبة لهم «حرب حياة أو موت»”.

غير أن عقيل رجّح أن ما يجري هو “حرب تديرها واشنطن من أجل تشكيل حكومة جديدة بعيدة عن تأثير الميليشيات”، مبينًا أن “أي تحرك من الجماعات المسلحة سيُواجه بطائرات مسيّرة تركية أو بقدرات بحرية مجهولة المصدر، وهو ما يجعل تهديداتها بلا قيمة”.

وأضاف أن “الولايات المتحدة وحلفاءها سيقفون ضد أي جماعة تحاول نجدة الردع”.
لكنه استدرك قائلاً: “إذا كانت هذه حرب الدبيبة فعلاً، ولم تكن هناك قوة كبرى خلفه، وهو احتمال ضعيف، فإننا سنكون أمام حرب أهلية على غرار ما يجري اليوم في السودان”.

وبشأن بيان مصراتة الأخير، قلل عقيل من إمكانية الاستجابة له سريعًا، مؤكدًا أنه “لا توجد وزارة دفاع حقيقية قادرة على إعادة انتشار الميليشيات أو إعادة تموضعها”. مؤكدًا أن “الحل يكمن في تفكيك هذه التشكيلات ونزع سلاحها، وليس تدليلها أو البحث عن أماكن جديدة لاستقرارها”.

ولفت إلى أن “مصراتة مدينة صناعية وزراعية وليست مكانًا لتخزين الأسلحة، منتقدًا ما وصفه بـ “ازدواجية المعايير”، قائلاً إن “ميليشيات في طرابلس تُستهدف وتُترك لمصيرها، بينما يتم التعامل مع ميليشيات مصراتة بمنطق مختلف يقوم على الترضية والبحث لها عن مواقع بديلة”.

واعتبر أن هذا “الانتقاء لا يمكن أن يستمر إلا بوجود قوى أجنبية تختار بنفسها الجماعات المسلحة التي يجب تفكيكها وإنهاؤها، وتلك التي يُسمح لها بالبقاء مؤقتًا”.

وتابع عقيل بالقول: إن “اللافت في البيان الأخير الذي صدر في طرابلس استخدام كلمة «غزاة»”، مشيرًا إلى أن “هذا التعبير يحمل دلالة واضحة، إذ إن أي طرف يأتي مدججًا بالسلاح ليستهدفك ويستهدف جماعتك التي تراها حليفًا وحصنًا لك داخل دولة تسيطر عليها الميليشيات، فهو في المنطق الطبيعي «غازٍ»، لأنه يسعى لتفكيك هذه الجماعة المسلحة والاستيلاء على مكانها وأسلحتها”.

ورأى عقيل أن “استخدام هذه المفردة ربما لم يكن دقيقًا، وكان الأجدر توجيه خطاب مختلف لأبناء طرابلس الذين يظنون أن الحرب الراهنة يقودها الدبيبة، بينما هي في جوهرها ليست حربه، وإنما صراع تقوده قوة دولية”.

وأضاف أن “هذه القوى حددت أن رؤوس العديد من أمراء الحرب قد أينعت وحان قطافها”، بينما يعتقد المسلحون أن “ما يجري مجرد مناوشات أو صراعات داخلية، لا يدركون أنها قد تنفجر إلى حرب أهلية كبرى”.

وأوضح عقيل أن “الجماعات المسلحة ستلجأ إلى كل المفردات والمنطق والذرائع الممكنة لمنع هذه الحرب، غير أن ذلك لن يجدي نفعًا”، معتبرًا أن “الولايات المتحدة وبريطانيا هما من يقفان خلفها”.

ولفت إلى أنه “كان في السابق، بمجرد إطلاق رصاصة واحدة ضد إرادة القوى الدولية، يسارع ستة سفراء – هم الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإيطالي والإسباني والألماني – إلى الاجتماع وإصدار بيانات شديدة اللهجة، لكن هذه المرة اختفوا تمامًا وكأنهم تحولوا إلى أشباح”.

وفيما يتعلق بالدور التركي، قال عقيل إن “أنقرة تحاول اليوم الانسحاب من قاعدة معيتيقة، متسائلاً عن غياب موقفها الحالي مقارنة بما فعلته في السابق”. وأوضح أن “تركيا شنت قصفًا جويًا عندما حاول البرلمان سحب الثقة من الدبيبة واعتبار حكومته غير شرعية، حيث تدخلت لصالحه ضد محاولة فتحي باشاغا دخول طرابلس، بل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن وقتها أن العاصمة «خط أحمر»”.

وأضاف عقيل متسائلاً: “أين ذلك الخط الأحمر يا أردوغان؟ ولماذا نراك اليوم تجمع أمتعتك وتحاول الفرار من المعركة وتترك قوة الردع لمصيرها، وهي التي كانت حليفتك داخل قاعدة معيتيقة؟”.

وتابع الكاتب والباحث السياسي، بأن “بعض القوى المسلحة الأخرى باتت تعتقد أنها ستلقى المصير نفسه الذي ينتظر «الثور الأبيض»”، في إشارة إلى أن سقوط قوة الردع يعني أنها “ستكون الهدف التالي”.

وأوضح أن “قدرة هذه الجماعات على الصمود تبقى مرهونة بموقف الولايات المتحدة واحتمال استخدامها طائرات مسيرة «مجهولة المصدر» لقصف أي مجموعة تتحرك لدعم قوة الردع”، مشيرًا إلى أن “تركيا أيضًا قد تغير من طبيعة تدخلها مقارنة بما قامت به عند هجوم أسامة الجويلي على طرابلس لإسقاط حكومة الدبيبة”.

ورجّح عقيل أن “الولايات المتحدة هي من يقف فعليًا خلف ما يجري”، معتبرًا أن “الهدف هو تشكيل حكومة جديدة لما بعد مرحلة التفكك”، ولكن وفق ما سماه “الصراط الأمريكي المستقيم”.

وبيّن أن “أي تحرك للميليشيات لدعم قوة الردع سيُواجه – بحسب تقديره – بالطائرات المسيّرة والاعتداءات الجوية”، مؤكداً في الوقت نفسه أنه “إذا كان تقديره خاطئًا وثبت أن هذه حرب الدبيبة بالفعل لأسباب غير معلومة، وهو احتمال ضعيف جدًا، فإن العاصمة ستكون أمام حرب أهلية ضروس وحقيقية”.

وكشف عقيل أن “الدبيبة نفسه أقرّ في أحد تصريحاته قائلاً بالإنجليزية: “This dirty work and I have to do it” (هذا عمل قذر ويجب أن أنفذه)، واعتبر أن هذه العبارة لا يمكن أن تكون سوى مفردة أمريكية أُبلغ به”.

وأشار في ختام كلامه إلى أن “الدبيبة في الظروف الطبيعية كان من مصلحته التحالف مع قوة الردع، خاصة أنها ساندته عندما حاول كل من الجويلي وباشاغا إزاحته من الحكم، لكن في حال تلقى أوامر مغايرة من القوى الدولية، فلن يكون بوسعه رفض تنفيذها”.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24