ليبيا الان

صالحة اشتيوي: اتفاقية نقل المحكومين بين ليبيا وإيطاليا انتصارًا للدبلوماسية الليبية

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

قالت المستشارة في السياسات العامة الخارجية د. صالحة اشتيوي، إن اتفاقية نقل المحكومين بين ليبيا وإيطاليا تمثل خطوة ذات طابع إنساني مهم، لكنها تثير في المقابل عدة هواجس قانونية تستوجب التعامل معها بحذر وشفافية.

وأوضحت في مداخلة على قناة الوسط، أن “الاتفاقية تهدف في ظاهرها إلى تمكين السجناء الليبيين من قضاء فترة عقوبتهم داخل بلادهم وبالقرب من عائلاتهم، وهو ما يُعد عاملاً داعماً لإعادة التأهيل والاندماج الاجتماعي، إلا أنها حذّرت من أن تتحول هذه الخطوة إلى وسيلة للترحيل القسري، بما يخالف القوانين الدولية”.

وأضافت أن “الاتفاقية تنص على نقل المحكومين الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية، وتبقى من محكوميتهم مدة لا تقل عن سنة، مع ضرورة توفر ضمانات أساسية، مثل حضور المحاكمات، وحق الدفاع، والموافقة الطوعية على النقل. مبينة أن الاستثناءات تشمل أيضاً، من لم تُحترم حقوقهم القانونية أثناء المحاكمة”.

وأشارت اشتيوي إلى أن “توقيت هذه الاتفاقية يأتي في ظل ظروف حساسة تمر بها العلاقات بين البلدين، خاصة في ملف الهجرة غير النظامية، حيث تسعى إيطاليا لتقليص أعداد السجناء الأجانب وتخفيف الأعباء المالية، في حين تسعى ليبيا لاستعادة مواطنيها ضمن سيادتها”.

وأكدت اشتيوي أن “الجانب الإنساني للاتفاقية لا يمكن إنكاره”، مشيرة إلى أن “وجود السجين قرب أسرته يُخفف من المعاناة النفسية والاجتماعية، إلا أن تحقيق الأثر الإيجابي يتطلب وجود منظومة قانونية، وسجون مؤهلة داخل ليبيا تحترم حقوق السجناء وتضمن شفافية الإجراءات”.

كما شددت على “ضرورة احترام العهود والمواثيق الدولية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، والمعايير الأوروبية لنقل السجناء، التي تؤكد جميعها على أهمية الموافقة الحرة وغير القسرية للمحكومين”.

كما ركزت على أهمية “مشاركة المنظمات الحقوقية الليبية والدولية في مراقبة تنفيذ الاتفاقية”، داعية إلى “إعداد سجون مجهزة وخاضعة للرقابة، وضمان حق التواصل مع المحامين، والشفافية في قوائم المنقولين وتكاليف العملية، بما يحول دون استخدام الاتفاق كغطاء لترحيلات قسرية تمس كرامة وحقوق الأفراد”.

واعتبرت أن “نجاح الاتفاقية رهين بمدى احترامها للسيادة الوطنية من جهة، والتزامات ليبيا الدولية من جهة أخرى”، لافتة إلى أن “تحويل عملية النقل من خيار طوعي إلى إجراء قسري سيقوّض الهدف الإنساني من الاتفاقية”.

ورأت المستشارة في السياسات الخارجية، أن “مصادقة مجلس الشيوخ الإيطالي على الاتفاقية، تمثل تطورًا مهمًا في مسار التعاون القضائي والأمني بين البلدين، وليست مجرد إجراء قانوني لتخفيف معاناة السجناء”.

وبينّت، أن “هذه الخطوة تنسجم مع ممارسات إقليمية ودولية قائمة”، مشيرة إلى أن “دولًا مثل مصر سبق وأن أبرمت اتفاقيات مشابهة مع كل من الإمارات وروسيا، ما يدل على أن الاتفاق الليبي – الإيطالي يندرج ضمن نهج دولي متبع لتسهيل عودة السجناء إلى أوطانهم”.

ورغم التحديات المرتبطة بظروف السجون الليبية، ترى اشتيوي في الاتفاقية بُعدًا إنسانيًا مهمًا، حيث تتيح للمحكومين الليبيين قضاء بقية محكومياتهم داخل الأراضي الليبية، الأمر الذي يخفف من معاناة الأسر، ويمنح الدولة الليبية مسؤولية أكبر تجاه مواطنيها.

وأشارت إلى أن تنفيذ الاتفاق مرهون بمتابعة حقوقية دولية، خاصة في ظل الانتقادات المحتملة من منظمات حقوق الإنسان إذا لم تتطابق أوضاع السجون الليبية مع المعايير الدولية.

كما لفتت إلى ضرورة أن تكون هذه الاتفاقية حافزًا وطنيًا لتطوير منظومة السجون، وليس مجرد وسيلة لاستقبال أعداد محدودة من السجناء. داعية إلى أهمية التنسيق بين وزارات العدل والداخلية والخارجية في كلا البلدين لضمان نجاح عملية النقل.

وحذرت من أن أي خلل إجرائي أو اختلاف في تفسير بنود الاتفاقية قد يعرقل التنفيذ، كما نبهت إلى الجانب المالي في مثل هذه الاتفاقيات، مشيرة إلى “ضرورة وجود آلية واضحة تحدد الجهة التي تتحمل تكاليف النقل، تجنبًا لأي خلافات محتملة”.

وأضافت أن “تنفيذ ما تبقى من العقوبة سيتم وفقًا للقانون الليبي، بما في ذلك إمكانية الاستفادة من قوانين العفو أو الإفراج المشروط، وهو ما قد يثير جدلًا سياسيًا داخل إيطاليا، خاصة إذا ما أُفرج عن محكومين قبل انتهاء مدتهم الأصلية”.

واعتبرت اشتيوي أن “الاتفاقية تُعد مكسبًا إنسانيًا وانتصارًا للدبلوماسية الليبية، إلا أنها رأت أن النجاح الحقيقي يكمن في ترجمة هذا الإنجاز إلى واقع عملي يضمن كرامة المواطنين ويعزز من سيادة الدولة الليبية”، مؤكدة أن “هذه المرحلة تتطلب عملًا جادًا لإثبات أن ليبيا شريك قضائي موثوق فيه”.

وختمت بالقول إن “ما حدث مع أربعة شباب ليبيين منذ عام 2015، والذين وُجهت لهم تهم باطلة ولم تُبرئهم إيطاليا حتى اليوم، يجب أن يكون دافعًا لليبيا في الدفاع عن حقوق مواطنيها وتحقيق العدالة لهم”، مشيرة إلى أن “الاتفاقية الجديدة قد تكون مدخلًا لمعالجة مثل هذه القضايا مستقبلاً”.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

ثلاثة عشر + 1 =