حذر المحلل السياسي عمر أبو سعيدة من خطورة الوضع الراهن في العاصمة طرابلس، مشيرًا إلى أن المدينة تعاني من توتر سياسي وعسكري مزمن نتيجة غياب القيادة الهرمية للمؤسسة النظامية، وسط سيطرة عدد من الميليشيات التي تتقاسم النفوذ داخل العاصمة.
وأوضح أبو سعيدة، خلال مداخلة على قناة “ليبيا الحدث”، أن تعدد الميليشيات واختلاف تبعياتها وأجنداتها وأيديولوجياتها ساهم بشكل مباشر في تفاقم حالة التشظي والانقسام والفوضى.
وأضاف أن حكومة الدبيبة، بدلًا من مواجهة هذا الانفلات، انخرطت في استخدام هذه الفوضى لخدمة أجنداتها الخاصة، وسعت إلى التمترس سياسيًا من أجل ضمان بقائها في السلطة لأطول فترة ممكنة، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار العام.
وأشار إلى أن الحكومة تتماشى مع معطيات الأمر الواقع، وتتحرك وفق حسابات تستهدف تعزيز تموضعها في المشهد السياسي.
واعتبر أبو سعيدة أن تحركات الدبيبة، مغامرة غير محسوبة العواقب، حيث يسعى إلى فرض واقع جديد عبر السيطرة الكاملة على طرابلس، مستفيدًا من تحالفات مرحلية، أبرزها مع تيار يهدف إلى إخراج بعض المعتقلين من سجون الردع، كما يسعى لفرض شروطه في أي تسوية سياسية محتملة.
وشدد أبو سعيدة على أن الكلفة السياسية والعسكرية لهذه التحركات قد تكون مرتفعة، محذرًا من أن استغلال الأزمات الداخلية وتحالفات الضرورة لن يؤدي إلى استقرار حقيقي، بل قد يزيد من هشاشة الوضع الأمني والسياسي في العاصمة.
وبينّ أن هدف الدبيبة الأساسي هو إحكام السيطرة على طرابلس، لتكون ورقة قوة في يده قبيل أي عملية تفاوضية قادمة، خاصة وأن وضعه الحالي – حسب وصفه “مهزوز للغاية”، ولا يملك خيارًا للبقاء في السلطة خلال المرحلة القادمة إلا بالسيطرة على طرابلس، وهو أمر يتطلب استخدام القوة بشكل واضح.
وبين أن العملية السياسية المرتقبة ستجبر الدبيبة على اتخاذ موقف حاسم، مضيفًا أن الرجل مستعد لفعل أي شيء من أجل الحفاظ على موقعه، مستشهدًا بالتنازلات التي قدمها مؤخرًا، ومنها إرسال وفد اقتصادي رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة، رغم غياب النتائج حتى الآن.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، فأما أن يثبت وجوده بقوة، أو يخرج من المشهد السياسي تمامًا.
وقال أبو سعيدة إن البعثة الأممية في ليبيا تحولت من كونها حلاً إلى جزء من المشكلة القائمة، مشيرًا إلى أن البعثة باتت تدير الأزمة بدلاً من السعي لحلها.
وأضاف أن البعثة تخضع في تحركاتها لإرادة بعض الدول الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، اللتان تتدخل بقوة في الملف الليبي.
ووصف أبو سعيدة الإحاطة الأممية الأخيرة بـ “الغامضة”، وتفتقر للآليات التنفيذية اللازمة، وهو ما يجعل إمكانية ترجمتها إلى خطوات عملية أمرًا محل شك، على حد تعبيره.
ومع ذلك، يرى أن هناك بوادر لتحرك دولي فعّال باتجاه تحريك الملف السياسي الليبي، وسط تزايد اهتمام الدول الفاعلة بإيجاد حلول ملموسة للأزمة.