ليبيا الان

غنية: الدبيبة يخوض صراعاً وجودياً مع جهاز الردع

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

أكد الباحث السياسي عبد العزيز غنية أن المشهد الليبي الحالي يقف بين خيارين رئيسيين، إما الانخراط في تفاصيل الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة وما يرافقها من تعقيدات، واتفاقات سياسية مشروطة، أو مواجهة واقع سيطرة قوى الأمر الواقع داخل العاصمة طرابلس.

وأوضح غنية خلال مداخلة تلفزيونية على قناة “ليبيا الحدث” رصدتها “الساعة 24″، أن تركيا تمثل اللاعب الأساسي في غرب ليبيا، مشيراً إلى انتشار قواعدها في مصراتة وترهونة، بالإضافة إلى قاعدة الوطية “عقبة بن نافع سابقا”، موضحاً أن أنقرة تتحكم في منظومة الطيران المسير في هذه المواقع، ما يمنحها – حسب قوله – “حق الفيتو” على المجموعات المسلحة المتواجدة في المنطقة.

وأضاف أن الدبيبة يخوض صراعاً وجودياً مع جهاز الردع، واصفاً هذا الصراع بـ “المعركة الصفرية”، مشدداً على أن المعركة لا تحتمل وجود قوتين مسلحتين متنافستين في العاصمة.

ورأى غنية أن المشهد الأمني والعسكري في طرابلس أصبح معقداً بشكل ملحوظ، خاصة بعد تحول الصراعات من طابع أمني بحت إلى صراعات مرتبطة بمصرف ليبيا المركزي، ومصادر الفساد والثراء غير المشروع.

وأشار إلى أن المجموعات المسلحة لم تظهر فقط مع حكومة الدبيبة، بل بدأت منذ حكومة فائز السراج، واستطاعت انتزاع صفات رسمية من الدولة، حيث توزعت تبعيتها بين وزارتي الداخلية والدفاع والمجلس الرئاسي.

واستطرد قائلاً إن قوتين رئيسيتين تهيمنان على العاصمة، وهما جهاز الردع وقوة الدعم والاستقرار، بينما بقيت باقي المجموعات متقلبة الولاءات بحسب من يمتلك النفوذ والمال.

وأكد غنية أن الدبيبة يواجه مخاوف جدية من تدخل قوة قد تطيح به سياسياً في ظل تعثر المسار السياسي وغياب خارطة طريق واضحة نحو الانتخابات، خاصة بعد أن فرض جهاز الردع شروطاً على الدبيبة، منها السيادة على مناطق حيوية.

وأضاف أن الأزمة الحالية لم تعد مقتصرة على صراعات عسكرية محدودة قي طرابلس، بل تحولت إلى أزمة شرعية وسياسية، حيث تقتصر سيطرة حكومة الدبيبة على رقعة جغرافية صغيرة، فيما يسيطر الجيش والبرلمان على أكثر من 85% من البلاد، ما يطرح تساؤلات حول استمرار الاعتراف الدولي بحكومة تحكم فعلياً مساحة محدودة لا تتجاوز عشرة إلى خمسة عشر كيلومتراً مربعاً.

ولفت غنية إلى أن مطار معيتيقة، الذي يمثل رمزاً للسيادة، يخضع لسيطرة جهاز الردع ويعاني من ضعف الإمكانيات والبنية التحتية، موضحاً أن الحديث عن تطوير مطار دولي جديد لا يزال مجرد وعود بدون خطوات تنفيذية فعلية.

وأكد أن المجموعات المسلحة تحصنت داخل مؤسسات الدولة، واكتسبت صفة رسمية عبر وزارتي الدفاع والداخلية، ما جعلها لاعباً مؤثراً يستفيد من أموال الدولة دون خضوع فعلي للمحاسبة، كما فاقمت الوضع الأمني ودفعت إلى ظواهر خطيرة مثل السرقة والاعتداء على الممتلكات، خاصة بعد مقتل آمر جهاز دعم الاستقرار غنيوة الككلي.

وحذر غنية من عودة شبح الحرب في العاصمة، مشيراً إلى أن السكان لم يعودوا قادرين على تحمل دورة جديدة من العنف، في ظل الانفلات الأمني المتكرر، كما شدد على أن تركيا تمتلك أدوات تأثير مباشرة على الملف الليبي، ما يجعلها طرفاً حاسماً في أي تسوية محتملة.

وبينّ غنية أن المشهد الليبي يتطلب إرادة سياسية حقيقية، تعتمد على توافق وطني واسع يشمل إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية، تفكيك المجموعات المسلحة، والانطلاق نحو انتخابات حرة تُنهي المرحلة الانتقالية نهائياً.

وأضاف، أن الدبيبة يرتبط بعلاقة “مصلحية” مع التيار الإسلامي المتشدد بقيادة المفتي المعزول الصادق الغرياني، واصفاً هذه العلاقة بأنها مؤقتة ومبنية على منفعة متبادلة، لافتاً إلى أن التيار المتشدد، الذي أصدر سابقاً فتاوى تحريضية على العنف، يمثل مظلة سياسية ودينية لمجموعات مصنفة إرهابية، بعضها محتجز في سجن معيتيقة، مؤكداً أن معظم الموقوفين يواجهون قضايا تتعلق بالإرهاب، ما يدل على صلة مباشرة بين التيار والدعم السياسي الذي يحصل عليه من أطراف في الحكومة.

واستدرك بالقول: إن العلاقة بين الدبيبة والتيار الإسلامي شهدت تقلبات، حيث تمتدح المنصات الإعلامية التابعة للتيار الدبيبة أحياناً، وتنتقده بشدة أحياناً أخرى، وهو ما يعكس توتراً في التحالف غير المعلن.

وأضاف أن هذا التحالف يُستخدم كورقة ضغط من قبل الدبيبة في صراعه مع بعض الأجهزة الأمنية، خاصة في سياق تحويل تبعية سجن معيتيقة إلى جهات سيادية عامة، مما قد يكشف مزيداً من التفاصيل عن الجهات المرتبطة بالمحتجزين داخله.

وتابع: التيار المتطرف يعيش حالة من الانحسار الإقليمي، بعد تراجع نفوذه في المغرب وتونس ومصر وانكماشه في الجزائر، مبيناً أن ليبيا تبقى أحد آخر معاقله، رغم محدودية انتشاره الشعبي.

وأكد غنية أن هذا التيار الذي وصفه بالمتشدد، يخشى أي توافق ليبي يؤدي إلى انتخابات شاملة، سواء رئاسية أو تشريعية، لأنه يدرك أن حضوره سيكون ضعيفاً، مستشهداً بتجارب سابقة مثل الانتخابات البلدية التي أظهرت تراجع التأييد الشعبي له، رغم محاولاته الدخول عبر واجهات مختلفة.

ورأى الباحث السياسي، أن هذا التيار يسعى لتعطيل أي مسار ديمقراطي قد يهدد مكاسبه، كما حدث مع حكومات سابقة مثل حكومتي السراج وزيدان، خشية أن تؤدي أي انتخابات قادمة إلى إنهاء نفوذه داخل المؤسسات.

كما أوضح غنية أن المجموعات المسلحة رغم محدودية نفوذها، ما تزال تؤثر على الوضع الأمني، لكنها لا تسيطر بالكامل على مناطقها، حيث تحولت بعض المواقع إلى ما يشبه السجون، مشيراً إلى أن معظم المجموعات توصلت إلى حلول مع الأطراف الليبية المختلفة، مما ساعد على تحقيق استقرار نسبي، بينما تبقى مجموعات قليلة تثير التوترات العسكرية والسياسية.

وحذر غنية من ثلاثة سيناريوهات قد تغير المشهد السياسي في ليبيا، وهي إغلاق النفط، واندلاع حرب جديدة، أو ظهور أضرار حقيقية على الأمن والاستقرار، واختتم حديثه بالدعوة إلى التفاهم السياسي والانسجام الوطني، مع التركيز على وحدة ليبيا وتعزيز دور المؤسسات الحكومية للحد من تأثير المجموعات المسلحة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

اثنان + خمسة =