قال المحلل السياسي ناصر بوديب، إن الاجتماع الذي عُقد باسم الدول العشر لم يكن مؤثراً بالقدر الكافي في مسار الأزمة الليبية، مشيراً إلى هذه الدول، كانت مواقفها متباينة وأرؤاها مختلفة، بل حتى مقاربتها للملف الليبي متضاربة، وبعيدة عن الحلول العملية.
وأضاف بوديب، في لقاء مع قناة «ليبيا الأحرار»، رصدته «الساعة 24»، أن أبرز ما خرج به هذا الاجتماع هو الترحيب بما طرحته المبعوثة الأممية هانا تيتيه، مشيراً إلى أن هذا الترحيب يركز على إدارة الأزمة أكثر من كونه سعيًا إلى حل جذري.
وبين أن التوافق الوطني، كما ناقشته المبعوثة الأممية، يعتمد على الفاعلين المحليين المتمثلين في مجلسي النواب والأعلى للدولة، وهما الهيئتان اللتان يدور حول شرعيتهما خلاف واسع في الداخل الليبي، مما يجعل التساؤل قائماً: هل يملكان فعلاً مفاتيح الحل، أم أنهما مجرد أطراف تدير الأزمة ضمن معادلة معقدة؟.
وأشار إلى أن ليبيا نفسها غابت عن هذه الاجتماعات، على الرغم من حضور رئيس المجلس الرئاسي، معتبراً أن التمثيل كان شكلياً أكثر منه جوهرياً، كما أن الحلول المعلبة القادمة من الخارج تُفرض على الأطراف الليبية دون مشاركتهم الفعلية.
كما أشار إلى أن التجربة السابقة مع المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز أظهرت أن المسار الاقتصادي كان مطروحاً إلى جانب المسارين السياسي والأمني، لكنه فشل، ما دفع البعثة لاحقاً للتركيز على المسار السياسي.
وأضاف أن المبعوثة الحالية، هانا تيتيه، لن تغير خارطة الطريق باتجاه الخيار الاقتصادي، إذ إنها انخرطت في المسار السياسي بوضوح أكبر، مؤكداً أن المسار الاقتصادي الذي حاول تسويقه مسعد بولس تعرض لانتقادات واسعة، بما في ذلك من صحيفة «نيويورك تايمز»؛ بسبب أسلوبه في التعامل مع الملف الاقتصادي الليبي وزيارته للبلاد.
وأوضح أن «بولس» يفتقر إلى القدرة على التفاوض مع الدول الكبرى الغنية، مثل دول الخليج، بينما يلجأ إلى دول محدودة الموارد مثل ليبيا، في محاولة لتوسيع مجال المساومات الاقتصادية والتجارية.
وأضاف أن مستشار الرئيس الأمريكي حاول تغليف هذا التوجه الاقتصادي بغلاف سياسي عبر الدعوة إلى توحيد المؤسسات، مثل المصرف المركزي، وهيئة الرقابة والمحاسبة، والمؤسسة الوطنية للنفط، وربط ذلك بمسارات أممية وأمنية، مؤكداً أن هدفه الأساسي كان اقتصادياً وليس سياسياً، على عكس “تيتيه” التي ركزت على الانتخابات وتوحيد المؤسسات القانونية والسياسية.
وتابع: إن بولس يشتغل وفق منطق “البزنس” والمصالح الاقتصادية المشتركة بين الدول، مشيراً إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية، أم أنه يعمل بتوجيه من صهره دونالد ترامب أو بعض الأطراف في الولايات المتحدة، مضيفاً أن العديد من الدول تسعى لاستمرار الوضع الراهن في ليبيا، إذ ترى أن توحيد المؤسسة العسكرية أو السياسية في ظل الواقع الحالي أمر مستحيل، وبالتالي يتم الدفع باتجاه القضايا الاقتصادية.
وشدد على أن التدخلات الأجنبية هي نتاج استقواء بعض الليبيين بالخارج، لافتاً إلى أن أي لوم على الخارج يعود أساساً إلى الداخل الليبي.
واستطرد بوديب في الحديث عن ضرورة وجود إرادة وطنية حقيقية لحل الأزمة، لافتا إلى أن مصطلح الحل “الليبي- الليبي” يواجه صعوبة كبرى؛ لأن النزاع بين الليبيين المتخاصمين عميق، وكل طرف يسعى لتحقيق مكاسب على حساب الآخر.