قال المحلل السياسي، عبد الله الديباني، إن الاجتماع الذي عقد في نيويورك، بقيادة الولايات المتحدة وشركاءها الدوليين بشأن ليبيا، كشف بوضوح أن التركيز لم يعد على الجوانب السياسية الشكلية، بل انصبّ بشكل أكبر على المسار الأمني، لاسيما فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية عبر لجنة “5+5”.
وأضاف الديباني، في تصريحات لقناة «سلام»، أرصدتها «الساعة24»، أن اللقاءات التي أجراها الجانب الأمريكي، لا سيما مع وجود شخصيات معروفة بارتباطها بالصفقات الاقتصادية، تشير إلى أن الهدف الأساسي من التحركات الراهنة هو الدفع نحو استقرار أمني يخدم مشاريع استثمارية ضخمة، خصوصاً في مجالات الغاز، والبتروكيماويات، والنفط.
ورأى الديباني، أن أي تقدم سياسي حقيقي في ليبيا، لن يتحقق دون ضبط الملف الأمني، مشيراً إلى أن توحيد المؤسسة العسكرية بين شرق وغرب البلاد يمثل خطوة محورية نحو هذا الهدف.
وأشار إلى أن الميليشيات المسلحة المنتشرة في الغرب، والتي تُتهم بالضلوع في عمليات تهريب وتجارة غير مشروعة، إضافة إلى تسهيل الهجرة غير الشرعية نحو السواحل الأوروبية، باتت تشكل عبئاً أمنياً يستوجب المعالجة، لافتاً إلى أن الرؤية الدولية تتجه نحو صفقة “أمنية – اقتصادية” متكاملة، يكون فيها الأمن مدخلاً لتحقيق الاستقرار اللازم للاستثمارات.
وألمح إلى إمكانية إعادة طرح فكرة القوة الأمنية المشتركة على الطاولة، كمقترح عملي لتفعيل التنسيق بين المؤسسات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد.
كما أشار إلى أن هذه المرحلة قد تمثل منعطفاً حقيقياً نحو توحيد مؤسسات الدولة، إذا ما جرى استثمار الزخم الدولي بشكل فعّال، مع ممارسة ضغط مباشر على الأطراف الداخلية للانخراط في مسار أمني موحّد يخدم مصلحة الدولة الليبية.
وأكد أن الأزمة الليبية لا تزال بعيدة عن الحل في المدى القريب، رغم الزخم الدولي المحيط بخارطة الطريق التي طرحتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه، معتبرا أن ما يصدر عن المجتمع الدولي لا يتجاوز في الغالب إطار الترحيب والبيانات الشكلية، دون وجود إجراءات فعلية على الأرض.
وحول تصريحات المبعوث الأمريكي السابق إلى ليبيا، جوناثان واينر، التي أبدى فيها تشاؤمه من إمكانية التوصل إلى حل قريب للأزمة الليبية، أكد الديباني أنه يتفق مع واينر من حيث الواقعية السياسية، موضحًا أن البيانات الدولية التي رافقت خارطة الطريق الحالية لا تختلف كثيرًا عمّا قيل في مرحلة الانتخابات السابقة عام 2021، والتي انتهت بالفشل دون محاسبة المعطّلين.
ورأى الديباني، أن الأزمة الليبية لا يمكن حلها ما لم تُعالج جذور الانقسام المؤسسي، مؤكدًا أن أي عملية سياسية جادة تفترض توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية قبل الحديث عن صناديق الاقتراع أو تشكيل حكومة موحدة.
كما أشار إلى أن البيانات الدولية، بما فيها البيان الأمريكي الأخير، تؤكد ضرورة تحقيق “تكامل أمني” بين الشرق والغرب، مما يشير إلى نية لإطلاق خطة أمنية موحدة قوامها قوة مشتركة تضطلع بمهام تثبيت الاستقرار على الأرض.