ليبيا الان

الراجحي: اختزال الأزمة الليبية في تشكيل الحكومات نهج متكرر أثبت فشله

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

قال محلل قناة “ليبيا الأحرار”، عبد السلام الراجحي إن الرؤية الأمريكية في التعامل مع الملف الليبي تختلف باختلاف الإدارات، مشيرًا إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب اتسمت بطابع الصفقات والقرارات الفردية، خلافًا لإدارة الرئيس السابق جو بايدن التي تبدو أكثر انسجامًا مع مؤسسات الدولة الدبلوماسية.

ولفت الراجحي إلى أن فترة إدارة ترامب كانت داعمة في الظاهر لجهود الأمم المتحدة، مستشهدًا بتأييدها للمبعوث الأممي السابق غسان سلامة خلال التحضير لمؤتمر غدامس في 14 أبريل 2019، حيث زار الأمين العام للأمم المتحدة طرابلس في ذلك التوقيت.

وبيّن الراجحي في حوار مع القناة، رصدته “الساعة 24” أن إدارة ترامب لم تكن تسير وفق نهج مؤسساتي تقليدي، بل كانت تتدخل في مختلف الملفات بشكل مباشر، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو حتى الصحي، ضاربًا مثالًا بتصريحات ترامب المثيرة حول تغيير اسم وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، أو توجيهاته بشأن التطعيمات والأدوية. واعتبر أن هذا النهج انعكس على تعامل الإدارة مع الملف الليبي، حيث أُعطي لـمسعد بولس – صهر ترامب – مساحة للتحرك بمنطق التاجر الباحث عن استثمارات في الأموال الليبية المجمدة داخل البنوك الأمريكية، عبر إدخال شركات أمريكية للاستثمار في قطاع الطاقة والنفط.

كما لفت إلى أن الصفقات التجارية تبقى احتمالًا واقعيًا جدًا في ظل طبيعة بولس “التجارية”، مستشهدًا بتجارب مماثلة ربطت إدارة ترامب برجال أعمال مثل إيلون ماسك، حيث سادت المقاربة القائمة على المال والمصالح.

واعتبر الراجحي أن الصمت المطبق من مختلف المؤسسات الليبية تجاه تحركات بولس يفتح المجال أمام تمرير اتفاقيات بمليارات الدولارات مع شركات أمريكية، دون وجود أي مساءلة حقيقية، مضيفًا أن اللقاءات التي أجراها بولس مع وزير النفط المكلف في حكومة الوحدة المؤقتة تركزت بالفعل على جذب استثمارات أمريكية في قطاع النفط، ممولة من الأموال الليبية المجمدة في الولايات المتحدة.

ولفت إلى أن استمرار الغموض سيدفع المتابعين للاعتماد على تقارير الصحف الأمريكية والدولية التي تحظى بمصداقية عالية، بينما تلتزم حكومة الدبيبة الصمت دون نفي أو توضيح.

وأشار الراجحي إلى أن شخصية مسعد بولس، المستشار المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا تمتلك أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، موضحًا أن بولس، البالغ من العمر 54 عامًا ومن أصول لبنانية، قضى حياته في مجال التجارة والأعمال، حيث كوّن ثروته عبر صفقات كبرى أغلبها في نيجيريا، وهي دولة تعاني من أزمات وصراعات ووجود ميليشيات.

ولفت إلى أن بولس لم يمارس أي نشاط دبلوماسي أو سياسي في المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن صعوده إلى هذا المنصب جاء نتيجة صلته العائلية بترامب، إذ استدعاه الأخير بلغة الصفقات لإدارة ملفات في ليبيا وغيرها من مناطق العالم، باعتباره جزءًا من إدارة قائمة على “البيزنس” أكثر من السياسة.

وبيّن أن بولس جاء إلى الملف الليبي بمنطق تاجر يسعى إلى عقد صفقات واستغلال الأزمات الاقتصادية والسياسية، وليس بعقلية رجل دولة، مضيفًا أن هذا النهج يعكس طبيعة إدارة ترامب التي تعاملت مع الملفات الدولية بعقلية شبيهة في بعض جوانبها بما وصفه بـ “العقلية العربية للحاكم الفرد”، في تفضيل الصفقات على المؤسسات.

وأوضح الراجحي أن لقاءات بولس وتصريحاته حول ليبيا كانت مقتضبة جدًا، لا تتجاوز دقائق قليلة، وأن بعض القنوات نقلت عنه تصريحات قصيرة عن رغبته في رؤية حكومة موحدة، لكن دون سياق واضح أو خطة متكاملة.

واستطرد بالقول إن بولس لا يمثل “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة، ولا يعكس بالضرورة مواقف مؤسسات مثل البنتاغون أو الكونغرس أو وزارة الخارجية، بل يتحرك ضمن حدود علاقاته الخاصة ورؤيته التجارية.

اعتبر الراجحي أن المبالغة في تصوير دور بولس في ليبيا غير دقيقة، إذ لا ينبغي التعاطي معه كصانع قرار أو رجل دولة، بل تاجر يسعى وراء صفقات قد تنجح وقد تفشل، مثلما حدث في تجاربه السابقة.

أكد أن الإدارة الأمريكية، بما تمثله من مؤسسات عميقة، لا يمكن أن تترك له حرية كاملة في التحرك أو اتخاذ القرارات المصيرية في المنطقة.

وبين الراجحي أن تجربة بولس في لبنان تُعد مؤشرًا مهمًا، حيث حاول التدخل في ملفات حساسة مثل وزارة المالية والمصرف المركزي، لكن وزارة الخارجية الأمريكية طلبت من المسؤولين اللبنانيين عدم التعامل معه، وهو ما يوضح أن المؤسسات الأمريكية قد تحد من نفوذه متى اقتضت الضرورة. بينما في الحالة الليبية، يرى أن الوضع مختلف نظرًا لغياب التوازنات الداخلية الواضحة وتعقيدات المشهد، مما يمنحه مساحة أوسع للحركة.

ورأى الراجحي إن اختزال الأزمة الليبية في مجرد تشكيل الحكومات بات نهجًا متكررًا أثبت فشله، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي رعى سلسلة من الاتفاقات، بدءًا من اتفاق الصخيرات الذي أفرز حكومة فايز السراج، وصولًا إلى حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة الدبيبة، إلا أن أيًا من هذه الحكومات لم تتمكن من العمل في جميع أنحاء البلاد.

وتساءل الراجحي: “إذا كان قرار مجلس الأمن 2259، الصادر في ديسمبر 2015 لدعم اتفاق الصخيرات، لم يُنفذ ولم تتم معاقبة من أفشلوه، فكيف يمكن إقناع الليبيين بأن المجتمع الدولي سيعاقب من يعرقل مخططات المبعوثة الأممية هانا تيتيه أو أي مسار آخر؟”، مضيفًا أن ما يُسمى بـ “تسمية المعرقلين” دون فرض عقوبات عملية لا جدوى منه.

وفي سياق متصل، شدد الراجحي على أن الحل لن يأتي من البعثة الأممية أو من تبديل المبعوثين، مستذكرًا تعاقب أكثر من أحد عشر مبعوثًا للأمم المتحدة على الملف الليبي دون تحقيق نتائج ملموسة.

وقال: “لا يمكن لليبيين أن ينتظروا حلًا سحريًا من الخارج؛ فالمبادرات الأممية طالما افتقدت إلى آليات تنفيذ واضحة”.

وأضاف أن الأمل الحقيقي يكمن في إرادة الليبيين أنفسهم، مستشهدًا بتجارب محلية تحدت الميليشيات المسلحة، كما حدث في العجيلات، الزاوية، صبراتة وصرمان، حيث أصر المواطنون على إجراء الانتخابات البلدية رغم محاولات العرقلة. وأكد أن مثل هذه المواقف الشعبية تمثل السبيل الأمثل لفرض المسار الديمقراطي وإعادة بناء الدولة.

وختم الراجحي بالتأكيد على أن أي خطة للبعثة الأممية، بما في ذلك مقترحات المبعوثة السابقة ستيفاني ويليامز أو الحالية هانا تيتيه، لن تنجح إلا إذا تضمن قرار من مجلس الأمن بندًا صريحًا بفرض عقوبات على المعرقلين، وإلا ستبقى مجرد حبر على ورق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

4 × 3 =