اعتبر الباحث السياسي حمزة علي أن التعامل مع ملف الهجرة في ليبيا يجب أن يتم بعقلانية ووفق إطار قانوني وإنساني.
وقال حمزة في تصريح لقناة التناصح، رصدته “الساعة 24” إن “المهاجرين غير النظاميين في ليبيا هم في الأصل ضحايا لظروف اقتصادية وأمنية قاسية في بلدانهم، ولشبكات تهريب البشر التي تنقلهم عبر الحدود الليبية، وغالبًا ما يتعرضون خلالها إلى الاستغلال أو حتى الاستعباد”.
وأشار حمزة إلى أن “دعوات بعض المواطنين لطرد المهاجرين أو التضييق عليهم، رغم أنها تبدو مشروعة في ظاهرها، إلا أنها في الحقيقة تمثل تعديًا على أناس ضعفاء، مطالبًا الليبيين بتوجيه الضغط نحو الحكومة والأجهزة الأمنية بدلًا من مهاجمة المهاجرين”.
وأوضح أن “معالجة هذا الملف الشائك تمر عبر نقاط أساسية أولها محاربة شبكات التهريب: وهي شبكات، بحسب التقارير الدولية، مرتبطة بأجهزة رسمية أو شبه رسمية في الدولة الليبية”. مؤكداً أن “بعض تلك الشبكات تنشط على الحدود مع مصر، السودان، تشاد، والنيجر، وتسهل عبور المهاجرين مقابل المال، وتشارك أيضًا في تهريب الذهب والمخدرات”.
أما الجانب الثاني فيتمثل في تنظيم العمالة الأجنبية حيث أشار إلى أن “ليبيا، في ظل ضعف القطاع الخاص واعتماد أغلب المواطنين على الوظائف الحكومية، بحاجة إلى عمالة أجنبية في قطاعات متعددة لا يرغب الليبيون في العمل بها”. لكنه شدد على ضرورة “تنظيم هذه العمالة بقوانين واضحة تحفظ حقوق الجميع وتحد من الفوضى. بالإضافة إلى ضبط الحدود الجنوبية التي تمثل البوابة الرئيسية لتدفقات المهاجرين”.
وانتقد حمزة “الاتفاقات الثنائية بين بعض الجهات الأمنية في ليبيا والدول الأوروبية، خاصة إيطاليا، لمحاربة الهجرة انطلاقًا من الساحل الليبي”، معتبرًا أن “هذا النهج خاطئ”.
ولفت إلى “ضرورة منع المهاجرين الذين يدخلون إلى البلاد من المغادرة عبر البحر”، داعيا “الأوروبيين إلى مساعدة ليبيا في ضبط هذه الحدود بدلاً من تمويل الميليشيات”.
كما دعا إلى “دعم برنامج العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين، والذي ساهم في عودة أكثر من 80 ألف مهاجر منذ عام 2015، مؤكدًا أن مثل هذه البرامج تقدم حلولًا واقعية وإنسانية”.
وشدد على أن الحل لا يكون بالتحريض، بل عبر مؤسسات الدولة، مشددًا على ضرورة احترام القوانين الليبية والدولية في التعامل مع هذا الملف، ومطالبًا الليبيين بتوجيه مطالبهم نحو الحكومة ووزارة الداخلية، للقيام بدورهما في محاربة التهريب وتنظيم العمالة وحماية كرامة الإنسان.
وشدد على أن التحرك الشعبي يجب أن يكون موجهاً نحو مؤسسات الدولة للمطالبة بـ “حل ذكي” يؤدي إلى نتائج ملموسة بدل الحملات العشوائية التي تستهدف أضعف الناس.
وختم بالتحذير من أن استمرار الوضع الحالي سيُبقي المهاجرين ضحايا للاستغلال والاستعباد، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم ليبيا في ضبط حدودها الجنوبية، ومكافحة تجارة البشر، وليس فقط التركيز على محاصرة المغادرين من السواحل
وحذر من أن الاستمرار في تجاهل هذا الملف سيهدد مستقبل ليبيا بالكامل، قائلاً: “اللعب بالنار على هذا المستوى لا يهدد الوضع الحالي فقط، بل يهدد وجود الدولة الليبية نفسها، وأمنها الديموغرافي والاجتماعي والسياسي”.