اقترح الدكتور علي الشريف، أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، تشكيل حكومة تكنوقراط موحدة بخطة اقتصادية واضحة وتنسيق مباشر مع المصرف المركزي، تكون قادرة على رسم سياسات طويلة المدى تحقق الاستقرار النقدي وتحفز النمو الاقتصادي.
وقال الشريف، في حديث لقناة “الوسط”، رصدتها صحيفة الساعة24، إن المصرف المركزي بدأ يتخذ خطوات إصلاحية مهمة منذ تسلم القيادة الجديدة لمهامها، لكنه شدد على أن هذه الإجراءات تبقى محدودة الأثر ما لم تُرافقها إصلاحات سياسية حقيقية وإنهاء الانقسام المؤسسي في البلاد.
وأشار إلى أن المصرف المركزي تسلم إدارة متهالكة تركها تسيب سابق في السياسات النقدية، وبدأت الإدارة الحالية في اتخاذ خطوات فاعلة من بينها محاولة ضبط سعر الصرف، وسحب الفئات النقدية الكبيرة مثل الخمسين والعشرين ديناراً من التداول، في مسعى للحد من التضخم وتقليص السيولة خارج القطاع المصرفي.
ورأى أن المركزي يحاول قدر الإمكان استخدام أدوات السياسة النقدية المتاحة له، رغم أنه لا يملك السيطرة الكاملة على المشهد الاقتصادي، في ظل غياب تنسيق فعلي مع السياسات المالية والتجارية، التي وصفها بأنها غائبة أو مشلولة نتيجة الانقسام السياسي.
وأوضح الشريف أن المركزي، رغم التزامه بعدم المساس بالاحتياطيات الأجنبية أو الذهب، نجح خلال التسعة أشهر الماضية في تقليص الاعتماد عليها، حيث لم يُستخدم سوى 400 مليون دولار فقط لتغطية العجز، في مقابل سنوات سابقة تجاوز فيها العجز في ميزان المدفوعات تسع مليارات دولار.
وعزا الشريف ذلك جزئياً إلى إعادة تقييم الذهب، وتحجيم إنفاق الحكومات في ظل عدم الاتفاق على موازنة عامة موحدة، مشيراً إلى أن الموازنات المقترحة كانت أكبر من قدرة المركزي على تمويلها، ما دفعه إلى رفض اعتمادها لتفادي عجز جديد وزيادة الدين العام.
واعتبر الشريف، أن الأزمة الحقيقية في ليبيا هو غياب الاستقرار السياسي، مؤكدًا أن ما يجري حالياً ما هو غير إجراءات إسعافية قصيرة الأجل لن تصمد أمام استمرار الانقسام المؤسسي وازدواج الحكومات.
وقال: “إذا استمر هذا الوضع، فالمصرف المركزي وكأنه يقاتل في الهواء. لا يمكن تحقيق استقرار اقتصادي دون استقرار سياسي حقيقي، ودون وجود حكومة موحدة تعتمد سياسة مالية وتجارية ونقدية متناسقة”.
وفي رده على سؤال حول مدى انعكاس الإجراءات الأخيرة على حياة المواطن، أوضح أن تخفيض الطلب على الدولار في السوق الموازي من خلال سحب الفئات الكبيرة قد يؤدي إلى انخفاض نسبي في الأسعار، ولكن ليس بشكل فوري، حيث إن الأسعار عادة ما تكون أكثر مرونة في الارتفاع منها في الهبوط، وقد تحتاج إلى وقت أطول لتُظهر انخفاضاً فعلياً. كما نبه إلى أن النجاح في خفض الأسعار مرهون بمستوى المنافسة في السوق، ودرجة مرونة السلع، محذرًا من استمرار بعض الممارسات الاحتكارية.