اقتصاد

خاص.. تعيين شخصية تتمتع بالخبرة والنزاهة لإدارة البريقة للنفط بدلاً من التخبط الإداري.. “الحضيري”: يُعدد أسباب أزمة الوقود في ليبيا

قال الخبير القانوني في مجال النفط “عثمان الحضيري” حصرياً لصحيفة الاقتصادية: أزمة الوقود في ليبيا مزمنة وتتفاقم يوماً بعد يوم، طوابير السيارات كالمسبحة بالكيلومترات أمام محطات الوقود على طول البلاد وعرضها، وهي من أبرز الأزمات التي تؤثر على الحياة اليومية للمواطن الليبي والمقيم، ورغم إنتاج البلاد لمعدلات مقبولة من النفط الخام تصل إلى 1.2 مليون برميل يومياً.

حيث تملك ليبيا أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا، وتعد أقرب سوق لأوروبا من حيث التصدير والقرب من المصافي الكبرى المملوكة لشركائنا بالبحر المتوسط، ولأجل تفكيك هذا اللغز المحير، يمكن النظر في الأسباب الرئيسية لهذه المعضلة ثم التطرق إلى الحلول التي نراها مناسبة.

وأضاف بأن أحد الأسباب هو التهريب المحلي والدولي: بسبب فارق السعر الكبير بين الوقود المدعوم محليًا وسعره في دول الجوار، ينتشر تهريب الوقود عبر الحدود براً وبحراً، شبكات تهريب تديرها منظمات مدعومة محلياً ودولياً تستفيد من ضعف الرقابة وعدم الاستقرار الأمني.

وكذلك الفساد وسوء الإدارة: الفساد داخل شركات توزيع الوقود في المدن أو على الطرقات العامة بدءاً من مستودعات شركة البريقة خصوصًا مروراً بإدارة التسويق الدولي بمؤسسة النفط التي تتعامل مع سماسرة لتوريد المنتجات وتتعاقد معهم بأعلى الأسعار مما يرفع تكلفة التوريد على الخزانة العامة، ووجود محطات وقود “وهمية” تستلم كميات كبيرة من الوقود (على ورق) وأكثر من حاجتها ولا توزعها للمواطنين، وربما يتم التصرف فيها خارج قنوات التوزيع المعتمدة.

حيث إن انقسام المؤسسات السياسية والتنفيذية وتعدد سلطات الإشراف شرقاً وغرباً يؤدي إلى خلل في التنسيق بشأن التوزيع غير العادل وكميات أكثر من الحاجة ودون رقابة فاعلة.

وأيضاً تهالك البنية التحتية: قدم المصافي ومنها مصفاة الزاوية التي يزيد عمرها عن 50 عاماً والتي لا تغطي احتياجات السوق المحلي وتعمل بطاقة لا تتجاوز 50% من طاقتها الإنتاجية حالياً، رغم أنها كانت تنتج قبل 2011 معدلات تصل إلى 113% وتعجز حالياً عن تغطية الاستهلاك المحلي، مما يُجبر الدولة على استيراد الوقود، ناهيك عن توقف مصفاة رأس لانوف عن إنتاج أنواع الوقود الأخرى، ويساهم ذلك في استنزاف المليارات من العملة الصعبة من الخزانة العامة، كما أن المصافي الصغيرة الأخرى (شركة سرت وطبرق والسرير) صغيرة جداً وبالكاد تغطي احتياجات المناطق المحيطة.

إلى جانب ضعف التوزيع والرقابة: نظام التوزيع الذي تنتهجه شركة البريقة يفتقر إلى الرقابة الإلكترونية الفاعلة وغياب الشفافية، مما يسهل التلاعب بالكميات بين الجهات سواء مع كبار المستهلكين أو محطات الخواص العاملة أو الوهمية.

وكذلك الاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني ببعض الجهات حيث تتعرض الشاحنات وصهاريج النقل ومحطات الوقود من فترة لأخرى لهجمات أو إغلاق طرق من قبل جماعات مسلحة.

إضافة إلى الدعم المالي الكبير الذي تتحمله الدولة وغير المنظم، يستغله بعض الأفراد والجهات والمهربون للارتزاق بشكل عام، مما يجعل كل المواطنين والمقيمين يستفيدون من هذا الدعم، مما يُضخم الاستهلاك من جهة ويرهق ميزانية الدولة من جهة أخرى، ويستغله بعض الحذاق لمنفعتهم الشخصية عند توريد الوقود، وما جريمة كميات البنزين المغشوش التي استوردتها إدارة التسويق بمؤسسة النفط ووزعتها شركة البريقة على محطات الوقود ليست بعيدة عنا، وآثارها لا زالت تلاحق مصداقية المؤسسة بالخارج.

أما عن الحلول الناجعة لأزمة الوقود من وجهة نظري الآتي:
• مكافحة التهريب بفعالية من خلال إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لمراقبة نقل الوقود من المصدر إلى المحطات الرسمية فقط.
• تفعيل الرقابة الحدودية براً وبحراً.
• إصلاح منظومة الدعم بعد دراسة اقتصادية حقيقية لكي لا يتضرر المواطن في المناطق الجنوبية من البلاد شرقاً وغرباً مع توفير منظومة نقل جيدة.

وأن فكرة استبدال دعم الوقود بدعم نقدي مباشر للمواطنين المحتاجين في الوقت الحالي سيكون ضحيتها المواطن المطحون فعلاً حالياً، رغم أن فكرة الدعم النقدي ينادي بها بعض الأفراد، حيث لها إيجابياتها وسلبياتها كما أوضحنا وقد (يقلل الحافز على التهريب) في مرحلة ما.
• ضعف إدارة ورقابة مؤسسة النفط على شركة البريقة له الأثر الكبير على وضع توريد الوقود وتوزيعه، والشكوك اللامتناهية في عملية توريد المنتجات بإدارة التسويق الدولي، والتي نبهنا عنها العديد من المرات، وأنها في حاجة إلى خلخلة كبيرة ودعمها بكفاءات عالية، وضرب احتكارها من أشخاص مشهود لهم بالفساد من سنوات، وتضارب المصالح التي تضرب هذه الإدارة والتي تمثل شبكة فساد بها، وعدم تسييس نشاط قطاع النفط وإبعاده عن تغول بعض الجهات الأمنية والسياسية والجهوية والقبلية كما نراه الآن، وجعله يعمل وفق قوانينه وتشريعاته ولوائحه لضمان استقراره المهني والتقني.

وأردف بقوله: تأهيل وتوسعة المصافي، وتطوير مصفاة الزاوية بشكل سريع، وبناء مصافٍ جديدة على أسس علمية واقتصادية وليس بمفهوم ارتجالي عبثي لخفض الاعتماد على الاستيراد.

وكذلك رقمنة التوزيع: استخدام بطاقات إلكترونية (مثل البطاقات الذكية) لضبط صرف الوقود، وربط محطات الوقود بنظام مركزي لمراقبة المبيعات.

وكذلك فرض الشفافية والمحاسبة: نشر تقارير دورية عن كميات الوقود الموزعة على المحطات وكبار المستهلكين وتكلفتها، ومحاسبة علنية للمسؤولين عن التجاوزات.

والتوعية المجتمعية: برامج إعلامية تحذر من مخاطر تهريب الوقود على الاقتصاد، وتشجيع المواطنين على التبليغ عن الفساد والمخالفات.

واختتم قوله: كل ما ذكرناه آنفاً يعد حجر الأساس لحل مشكلة أزمة الوقود، ونكرر تعيين (مفوض عام مرحلياً) كشخصية تتمتع بالخبرة والنزاهة والكفاءة لإدارة شركة البريقة لتسويق النفط بدلاً من التخبط الإداري الحاصل، ويقع على الأجهزة الرقابية القيام بواجباتها وفق القانون بلا تعاطف أو انحياز، وإلا ستتكرر الظاهرة من جديد

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة صدى الاقتصادية

أضف تعليقـك

اثنان × أربعة =