ليبيا الان

بيان مصرف ليبيا المركزي: إسراف حكومي رغم معاناة المواطن

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في الوقت الذي يعاني فيه المواطن من أزمات معيشية طاحنة، حيث صار تأمين قوت اليوم ضرباً من المستحيل، تواصل مؤسسات الدولة في ليبيا الإنفاق بإسراف غير مسبوق. الأرقام التي كشف عنها مصرف ليبيا المركزي في تقريره الأخير حول الإيراد والإنفاق خلال الأشهر التسعة الماضية تصدم المتابعين، إذ يُظهر التقرير أن المليارات تُنفق بقرارات حكومية، رغم أن المواطن البسيط يعاني من نقص السيولة وارتفاع الأسعار.

إن المواطن الليبي، الذي يقف في طوابير الخبز ويعيش تحت وطأة الغلاء، يتابع بقلق أنباء حول الإنفاق الحكومي المتزايد. فالإنفاق لم يتوقف عند الاحتياجات الضرورية للدولة، بل وصل إلى حد السفه. مجلس النواب وحده أنفق 806 مليون دينار، بينما مجلس الدولة تجاوز 42 مليون دينار. أما الحكومة منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فقد أنفقت ببذخ واضح، حيث بلغت مصروفاته كرئيس للحكومة 1.9 مليار دينار، بينما خصص 3 مليارات للدفاع، و2.2 مليار للخارجية.

يبدو أن هذه الأرقام تشكل انعكاساً صارخاً للهوة التي تفصل بين النخب السياسية والشعب. ففي الوقت الذي يجد المواطن نفسه محاصراً بأزمات متتالية، من نقص السيولة في المصارف إلى تراجع الخدمات الأساسية، يُغرق المسؤولون في نفقاتهم دون أدنى اعتبار لمصالح الشعب. هذه المصروفات تطرح تساؤلات حول الأولويات الحكومية، حيث يُظهر التقرير أيضاً أن فرحات بن قدارة، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، أنفق 6.3 مليار دينار، واستخدم 1.2 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي، وهو أمر يثير مخاوف اقتصادية حول قدرة الدولة على الحفاظ على توازنها المالي في ظل هذه النفقات.

وإذا نظرنا إلى قطاع الكهرباء، نجد أن محمد المشاي، رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، أنفق ما يزيد عن 3.2 مليار دينار، إضافة إلى ميزانية استثنائية بقيمة 3.1 مليار دينار. ولكن ماذا جنى المواطن من هذا الإنفاق؟ ما زال الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي يرهق حياة الناس، والخدمات ما زالت متدهورة.

وفي المقابل، تتضاءل الإيرادات. فقد أظهر التقرير أن إيرادات السوق المحلي من المشتقات النفطية شهدت تدنياً حاداً، حيث تم توريد 32 مليون دينار فقط خلال الفترة الماضية. هذا التدني يعكس الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، والتي لم تستطع الحكومة التعامل معها بالشكل المطلوب.

إن المواطن الليبي لا يطلب الكثير؛ يريد أن يعيش بكرامة، يريد أن يجد العلاج، ويريد أن يضمن تعليم أولاده. لكنه يُواجه حكومة ومؤسسات تبدو وكأنها في عالم آخر، منفصلة عن معاناته. فرغم كل هذا الإنفاق، لم يجد المواطن سوى الفقر والحرمان. الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً، والمواطن يدفع الثمن.

من الواضح أن حكومة الدبيبة، التي تخصص المليارات للدفاع والخارجية، لا تأخذ في الحسبان أن الشعب هو الأحق بهذه الأموال. إنها أموال المواطنين، تلك التي تذهب هدراً في نفقات لا تُظهر أي نتائج ملموسة على أرض الواقع. مجلس النواب والمجلس الرئاسي أيضاً يتورطان في إسراف غير مبرر، إذ يُنفقون دون رقابة حقيقية أو محاسبة، وكأن أموال الدولة تُستخدم لتسيير مصالحهم الشخصية.

وفي النهاية، يبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا الإسراف؟ إلى متى ستظل المؤسسات الحكومية تُنفق دون مراعاة للأزمة الاقتصادية التي يُعاني منها المواطن؟ ليبيا في حاجة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، وإلى قيادات تُدرك أن الحفاظ على أموال الدولة يُعد خطوة أولى نحو بناء مستقبل مستدام.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24