خوري تفتح أبواب الحوار وتكسر الجمود السياسي في ليبيا
تتواصل الجهود الدولية لدفع عجلة الحوار السياسي في ليبيا، وذلك في ظل حالة من الجمود التي استمرت لفترات طويلة. عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، كشف في تصريحاته الأخيرة عن أدوار محورية تقوم بها ستيفاني خوري، المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا، بهدف تحريك المياه الراكدة في المشهد السياسي. ووفقًا للعريفي، فإن خوري تستعد لإطلاق مبادرة حوار جديدة تجمع الفرقاء الليبيين، محاولةً بذلك تحقيق تقارب يهدف إلى توحيد مؤسسات الدولة الليبية التي لا تزال تعاني من الانقسام.
أوضح العرفي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، أن نجاح خوري في معالجة أزمة مصرف ليبيا المركزي يُعد إنجازًا بارزًا. لقد كانت هذه الأزمة واحدة من أكبر العقبات التي تعيق التقدم في المسار السياسي، إذ إن المصرف المركزي يمثل عصب الاقتصاد الليبي، وكانت الانقسامات الداخلية تعرقل عمله وتؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. بفضل خوري، تمكن الفرقاء الليبيون من الوصول إلى اتفاق يضع حداً للصراع حول المصرف، ما فتح الباب أمام المزيد من التحركات السياسية.
العرفي أكد أن توحيد المؤسسات الليبية ليس مجرد هدف بعيد المنال، بل هو خطوة واقعية سيتم تحقيقها قريبًا، خاصة مع التوافق الذي تم بين الأطراف على قوانين لجنة 6+6، التي تعد الركيزة الأساسية في عملية إعادة تشكيل الحكومة. يعتقد العرفي أن هذا التقدم في التفاهم بين الفرقاء سيسهم في توحيد مؤسسات الدولة، مما سيؤدي إلى استقرار سياسي واقتصادي يترقبه الجميع.
الجمود السياسي كان ولا يزال مشكلة تؤرق جميع الأطراف المعنية بالشأن الليبي. لقد مرت ليبيا بمراحل عديدة من الانقسامات والخلافات، وكان لكل طرف أجنداته الخاصة. إلا أن العرفي يشير إلى أن خوري قادرة على كسر هذا الجمود عبر مبادرات سياسية بناءة تعمل على تحقيق التوافق بين الفرقاء. يرى العرفي أن الخطوات التي تتخذها خوري تعكس فهمًا عميقًا للتعقيدات السياسية في ليبيا، وأنها تستخدم مهارتها في الوساطة لتحقيق نتائج ملموسة.
العرفي توقع أن الملف السباسي الليبي بات الآن بين يدي الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما قد يعزز من فرص التوصل إلى حلول دائمة. الولايات المتحدة، بصفتها قوة دولية ذات تأثير كبير، قد تستطيع الضغط على الأطراف المتنازعة للجلوس إلى طاولة الحوار وحل خلافاتهم بطريقة سلمية. ولعل الدعم الأمريكي لخوري يمنحها القوة اللازمة لتنفيذ المبادرات السياسية المطلوبة.
هل سيشهد المشهد الليبي انفراجة؟
يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح خوري في تحقيق انفراجة حقيقية في المشهد السياسي الليبي؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد على عدة عوامل، منها استعداد الأطراف الليبية للتعاون والتنازل عن بعض مطالبها لتحقيق الصالح العام. كما أن الدور الأمريكي في دعم الجهود الأممية سيكون له تأثير كبير على مسار الأحداث.
لكن ما هو مؤكد حتى الآن، أن خوري استطاعت إثبات قدرتها على التأثير في بعض الملفات المهمة مثل أزمة المصرف المركزي، وهو نجاح يُحسب لها. ومع إطلاق مبادرتها الجديدة للحوار السياسي، فإن الآمال تتزايد في أن تشهد ليبيا مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي. وتبقى الخطوات المقبلة حاسمة في تقرير ما إذا كانت هذه الجهود ستثمر عن نتائج ملموسة تُخرج البلاد من حالة الجمود التي تعيشها منذ سنوات.
العرفي، الذي يظهر تفاؤلاً حذرًا تجاه هذه التطورات، يرى أن فرص النجاح ترتفع كلما زاد التعاون بين الأطراف الليبية والدول المؤثرة. خوري تمتلك المقومات اللازمة لإحداث تغيير حقيقي، لكنها تحتاج إلى دعم سياسي واسع النطاق لكي تتمكن من الوصول إلى حلول جذرية للأزمة الليبية المعقدة.
يرى المراقبون أن التحدي الرئيسي الذي يواجه خوري ليس فقط في إقناع الأطراف الليبية بالحوار، بل في الحفاظ على استمرارية هذا الحوار وتجنب انتكاسه كما حدث في محاولات سابقة. ليبيا، التي تعاني من انقسامات حادة، تحتاج إلى وسيط دولي ذي خبرة قادر على التعامل مع التعقيدات السياسية والاجتماعية. وقد أثبتت خوري، في إدارتها لأزمة المصرف المركزي، أنها تمتلك هذه القدرة.
الخطوات القادمة التي ستتخذها خوري ستحدد ما إذا كانت ليبيا قادرة على الخروج من أزمتها الحالية. فالجمود السياسي الذي تشهده البلاد أصبح مصدر قلق دولي، خاصة مع التدخلات الإقليمية التي تزيد من تعقيد الوضع. ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية والمعيشية على المواطن الليبي، يصبح من الضروري إيجاد حل سريع وشامل للأزمة.
خاتمة: طريق الأمل
في النهاية، قد تكون مبادرة خوري هي بارقة الأمل التي ينتظرها الشعب الليبي، خاصة إذا ما تكللت جهودها بالنجاح. توحيد المؤسسات السياسية والاقتصادية في ليبيا سيمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الاستقرار الذي طال انتظاره. ومع وجود دعم دولي قوي، قد تشهد البلاد أخيرًا نهاية لفترة الانقسامات والجمود التي استنزفت مواردها وأثرت سلبًا على حياة مواطنيها.