في الوقت الذي تتعثر فيه الجهود للتوصل إلى توافق سياسي ينهي المراحل الانتقالية في ليبيا، تبرز مؤشرات متزايدة على استخدام الدين كأداة لتعزيز النفوذ السياسي، في ظل تحالف غير معلن بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، والمفتي المعزول الصادق الغرياني.
تقارير محلية تؤكد أن الغرياني بدأ التمهيد لنشر فتاوى تُبرر استمرار الدبيبة في الحكم وتقديمه كـ”خيار شرعي”، في خطوة تثير مخاوف من تكريس الاستقطاب العقائدي في المشهد الليبي، وفي هذا السياق، يُطرح تساؤل جوهري حول مدى توظيف الغطاء الديني كأداة لشرعنة واقع سياسي متأزم.
هذا المسار يكشف عن تحالف يراه مراقبون اصطفافاً مصلحياً يخدم كل طرف على طريقته، حيث ينشد الدبيبة تمديد فترة حكمه مستنداً إلى شعبية دينية يحاول بناءها عبر خطاب الغرياني، فيما ينظر الغرياني إلى فرصة نفوذ في المشهد السياسي.
ويرى متابعون أن هذا التحالف بين السياسي والديني يمثل عقبة كبيرة أمام بناء مؤسسات مدنية مستقلة، حيث يُستخدم الدين لتبرير التمديد والتغاضي عن الفشل في إنجاز الاستحقاقات الدستورية، وعلى رأسها الانتخابات العامة.
ويؤكد خبراء أمنيون أن حكومة الدبيبة تعتمد على تحالفات ضمنية مع مجموعات مسلحة ومؤسسات دينية، ضمن ترتيبات هدفها إجهاض أي مبادرة تغيير قد تُعيد تشكيل المشهد السياسي. وفي ظل غياب أدوات رقابة فاعلة، تتحول هذه التحالفات إلى شبكة مصالح معقدة تُفرغ المسار السياسي من مضمونه، وتُحاصر أي محاولة لإعادة السلطة إلى الشعب باعتباره مصدر الشرعية الوحيد.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا النهج يُكرّس ثقافة التوظيف الديني في خدمة مشاريع سياسية خاصة، وهو ما من شأنه أن يعمّق الانقسام المجتمعي ويُقوّض فرص التوافق الوطني، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إصلاحات شاملة تضع حداً لاستخدام الدين كأداة سياسية.
كما يتصاعد الجدل حول موقف البعثة الأممية من هذا التحالف، وسط انتقادات متكررة بشأن ضعف أدائها منذ عام 2011، وعجزها عن حل الأزمة الليبية طوال تلك المدة، ما سمح لأطراف داخلية بتغذية الانقسام والتلاعب بالمسارات السياسية.
ويخلص مراقبون إلى أن الخروج من هذا المأزق يقتضي العودة إلى القواعد الأساسية لأي استقرار: انتخابات شفافة، مؤسسات خاضعة للمساءلة، وفصل حقيقي بين الدين والسياسة، حتى لا تتحول البلاد إلى ساحة صراع دائم بين الشرعية الشعبية والشرعية “المفروضة” باسم الدين.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا