أكد المحلل السياسي عمر بوسعيدة، أن الأزمة الليبية ما تزال في حالة جمود رغم كل المحاولات الأممية والدولية لإيجاد حل سياسي شامل، معتبراً أن خارطة الطريق الحالية التي طرحتها بعثة الأمم المتحدة ليست سوى “كلام مهدئ” لا يرتقي لمستوى التحديات الحقيقية التي تواجه البلاد.
وقال بوسعيدة، خلال مقابلة مع قناة الوسط، إن خبراء الأمم المتحدة، الذين يديرون الملف الليبي بخبرة تراكمية تجاوزت 75 عامًا في إدارة الأزمات، يواجهون عقبات كبيرة نتيجة تقاطع مصالح عدة دول إقليمية وعظمى، وهو ما يعيق بشكل كبير أي تقدم ملموس على الأرض.
وبين أن هذه المصالح المتشابكة تدفع الأطراف السياسية الداخلية إلى التمسك بمواقعها، مستغلين حالة الانقسام الدولي لتحقيق مكاسب سياسية وفردية، ما يزيد من تعقيدات المشهد.
وأشار بوسعيدة، إلى أن المشهد الدولي حاليًا يتسم بعدم وضوح الرؤية وعدم التنسيق بين القوى الكبرى، فبينما تحاول الأمم المتحدة الضغط لإيجاد حل سياسي، تظهر تحركات متزامنة من دول كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا التي تستخدم الملف الليبي كورقة في تفاوضها على ملفات دولية أخرى، كما تسعى دول إقليمية نافذة للحفاظ على مكتسباتها من خلال دعم أطراف مختلفة داخل البلاد.
وتابع بوسعيدة قائلاً: “هذا التداخل في المصالح الخارجية يعزز حالة الاستقطاب والانقسام الداخلي، ويجعل من الصعب تبلور موقف دولي موحد يدعم خارطة طريق واضحة وقابلة للتنفيذ.”
وتطرق المحلل السياسي، إلى الجوانب العملية على الأرض، حيث أشار إلى أن استمرار وجود “قوى سياسية مستقلة” ومتنافسة على السلطة يعطل جهود السلام، موضحا أن غياب آليات تنفيذية دقيقة وفعالة للحوار السياسي، بالإضافة إلى تمديد الفترات الزمنية للحلول المؤقتة دون ضمانات ملموسة، يطيل أمد الأزمة ويزيد من تفاقمها.
ونوه بوسعيدة، بأن الوضع في غرب ليبيا، يمثل نموذجًا حيًا للتحديات الواقعية التي تواجه البلاد، حيث تفرض حكومة الدبيبة شرعيتها الواقعية في مناطق عدة، ما يخلق توترات مستمرة مع جهات أخرى، محذراً من أن تصاعد هذه التوترات، خاصة في العاصمة طرابلس، قد يؤدي إلى تصعيد خطير يؤثر على استقرار البلاد بشكل عام.
واختتم المحلل السياسي، حديثه بالتأكيد على أن الحلول لا يمكن أن تتحقق إلاّ عبر توافق حقيقي وفاعل بين الفاعلين الليبيين من جهة، وبين المجتمع الدولي من جهة أخرى، مشددًا على ضرورة وجود إرادة سياسية واضحة لتنفيذ أي اتفاق، وأن أي محاولة للتحايل أو إطالة أمد الأزمة ستؤدي إلى مزيد من التدهور.