أكد الخبير الاقتصادي مختار الجديد، أن المصرف المركزي ارتكب خطأ فادحاً في إدارته لعملية سحب العملات النقدية، ما تسبب في تجاوزات من بعض المصارف التجارية خلال تنفيذ السياسة النقدية الأخيرة.
وقال الجديد، في مقابلة مع قناة “سلام”، إن القانون ينص على ألا يُسمح بسحب العملات النقدية قبل مرور 60 يومًا، لكن المركزي منح فترة سحب قصيرة بلغت نحو 10 إلى 13 يومًا فقط لسحب ورقة الـ20 جنيهًا، ما أدى إلى إرباك السوق وخلق فجوة أمام المصارف التجارية.
وأضاف أن الوقت الكافي كان ضروريًا للسماح للمصارف والمواطنين بالتكيف مع قرار السحب، لكن الفترة القصيرة دفعت بعض المصارف إلى رفض قبول هذه الأوراق في بطاقات الصرف الآلي أو إعادة تداولها، ما أدى إلى تجاوزات وتعطيل عمليات السحب والإيداع.
وأشار الجديد، إلى أن المركزي كان من الأفضل له، أن ينفذ السحب بشكل تدريجي ومنظم، خاصة مع ورقة الـ20 ديناراً، لتجنب الأضرار التي لحقت بالسوق والمواطنين، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر في آليات تنفيذ السياسات النقدية، وضبط التواصل بين المركزي والمصارف التجارية لضمان استقرار الأسواق النقدية وحماية حقوق المستهلكين.
وقال الخبير الاقتصادي، إن المواطنين أصبحوا أكثر دراية بإجراءات المصرف المركزي، خاصة بعد تجربة سحب ورقة الخمسين دينار السابقة التي شهدت تحديات كبيرة، مبينا أن التعامل مع الورقة في السوق الموازي كان سيئًا للغاية، ما دفع المواطنين إلى فهم ضرورة تسليم هذه الأوراق للمصارف.
وتابع:” عملية سحب ورقة الخمسين الحالية اختلفت تمامًا عن السابقة، حيث استمرت لنحو عام كامل مع تكرار الاتهامات بالتزوير، واضطر المركزي إلى تمديد فترة السحب عدة مرات”، مؤكداً أن الإدارة الحالية للمصرف اتخذت قرارًا مدروسًا بشأن السحب، مع فترة سماح تجاوزت 60 يومًا، رغم تعارض ذلك مع القوانين المعمول بها.
وبينّ الجديد، أن المركزي أصدر تعليمات بعدم ضخ ورقة الخمسين الجديدة سواء عن طريق الدفع الإلكتروني أو السحب الذاتي، لكن بعض المصارف تجاوزت هذه التعليمات، ما يدل على ضعف الرقابة الداخلية، لافتاً إلى أن حالة عدم الاستقرار في سوق الصرف حاضرة، مع تفاوت أسعار الدولار بين المصارف والسوق الموازي، ما يعكس تعقيدًا في الأسواق المالية.
وأكد الجديد، أن موضوع سحب ورقتي العشرين والخمسة دنانير يشغل بال المواطنين، خاصة أصحاب المبالغ الصغيرة الذين يفضلون السحب النقدي المباشر دون استخدام أجهزة الصراف الآلي، مبيناً أن الإجراءات الصارمة من المركزي كانت متوقعة منذ فترة، مع احتمال إصدار عملات جديدة لتحقيق توازن مالي، معتبرا أن هذه الخطوات كان يجب أن تتم قبل شهرين.
وأضاف الجديد، أن النقاش الحالي يجب أن يركز على كيفية تطبيق القرارات، معتبرًا أن الأمر محسوم والمهلة قاربت على الانتهاء ولن يتم التراجع عنها، داعيا جميع الجهات للالتزام بالتعليمات لتفادي أي مشاكل أو عرقلة في حركة السيولة النقدية.
ورأى الخبير الاقتصادي، أن تكرار عودة الأموال إلى المواطنين بنفس الشكل يدفعهم أحيانًا للتوجه إلى السوق الموازية، خاصة مع الفارق في أسعار العملات القديمة التي يُتوقع سحبها، حيث يميل التجار إلى بيعها بأسعار مرتفعة، مشيرا إلى أن تأخر اتخاذ الإجراءات المناسبة من المركزي هو الذي تسبب في تفاقم المشكلة.
وذكر الجديد، أن المصرف المركزي يواجه صعوبة في السيطرة على أكثر من ألف فرع في البلاد بسبب ضعف الرقابة والتنسيق مع المصارف التجارية.
وكشف الجديد أن المركزي يصدر تعليمات مستمرة بتخفيض الرسوم ومنح تسهيلات، لكنه لا يجد تجاوبًا كافيًا من المصارف، ما يعكس فجوة في التناغم بين الطرفين.
ونوه بأن القانون الاقتصادي ينص على إن النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من التداول، وقد شهدت ليبيا تطبيقًا عمليًا لهذا القانون، حيث طردت الأوراق الصغيرة من السوق بعد انتشار الأوراق الأكبر.
وأشار إلى أن الأزمة المقبلة في السيولة قد لا تكون أشد من الأزمات السابقة، مع أمله في تجنب وقوع أزمات حادة في السوق خلال الفترة القادمة.