أكد رجل الأعمال “حسني بي”، أن أزمة السيولة النقدية التي تعصف بالاقتصاد الليبي ليست أزمة عابرة أو جديدة، بل هي نتاج تراكمات طويلة ومتواصلة من الأزمات المالية التي بدأت منذ الثمانينيات، والتي تتكرر بسبب السياسات النقدية والمالية غير السليمة التي اتخذتها السلطة المتعاقبة في البلاد.
وأوضح “بيّ” في حديثه لقناة “المسار” والذي رصدته الساعة24، أن الإجراءات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي مؤخرًا تهدف إلى ضبط عرض النقود في السوق من خلال توحيد البيانات المتعلقة بالنقد المتداول، وهو أمر لم يكن واضحًا في الإحصائيات الرسمية السابقة، مبينا أن الرقم الحقيقي للنقود المتداولة تجاوز 10.5 مليار دينار، في حين كان يعتقد سابقًا أنه لا يتعدى 7 مليارات، ما يجعل من الضروري إعادة النظر بعمق في تفاصيل القاعدة النقدية لفهم الأزمة بشكل أدق.
وبين حسني، أن البنك المركزي يؤكد باستمرار على حرصه على حماية حقوق المواطنين المالية، لكنه يواجه تحديات في تنفيذ هذه السياسة، خاصة مع وجود تفاوت في أسعار العملة وعدم قبول المصارف للنقود القديمة بشكل متساوٍ، ما أوقع الكثير من المواطنين في مأزق مالي حقيقي، مبيناً أن المركزي ارتكب خطأ جسيمًا بإلغاء مهلة استبدال الأوراق النقدية دون توفير بدائل مالية كافية، ما أدى إلى تراجع ثقة الناس في النظام النقدي وتفاقم الأزمة.
واعتبر أنه كان من الأفضل تمديد المهلة وتوفير حلول متكاملة لتفادي الضغط على المواطنين في هذه الظروف الحرجة.
وشدد حسني بّي، على ضرورة أن تكون الحلول القادمة من البنك المركزي أكثر فاعلية وجذرية، بحيث تعالج نقص السيولة بشكل شامل وليس فقط عبر إجراءات شكلية أو مؤقتة، معبرا عن أمله في أن تتمكن البلاد من الخروج من هذه الأزمة المالية بشكل أفضل وأكثر استقرارًا مما كانت عليه في السابق.
ونوه بّي، إلى أن محاولة تثبيت سعر صرف الدينار الرسمي بشكل غير واقعي خلال السنوات الماضية، خصوصًا عبر تحديد سعر أعلى من 3 دولارات للدينار، كانت أحد أسباب تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث أدت إلى زيادة الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي، ما أضعف الاقتصاد الوطني وزاد من معاناة المواطنين، لافتا أن 93% من الإنفاق العام في ليبيا يتم بالدولار، ما يجعل من الضروري أن يعكس سعر صرف الدينار الواقع الحقيقي لسوق العملات، وليس سعرًا رسميًا غير منطقي يخدم مصالح محدودة فقط، مؤكدا أن تمويل العجز الحكومي عبر طباعة النقود كان سببًا رئيسيًا في التضخم المتزايد والانهيار المستمر لقيمة الدينار، – حسب رأيه – كما أشار إلى أن المشكلة الرئيسية ليست في توفر الدولار فقط، بل في كيفية إدارة السياسة النقدية والمالية، مؤكدا على أهمية إعادة هيكلة النظام النقدي والمالي بشكل شامل لتفادي الأزمات المتكررة.
ووصف حسني بيّ، الإجراءات المالية بأنها “سرقة مبرمجة”، حيث يحتفظ النظام بسعر صرف رسمي منخفض عمدًا لخدمة فئة ضيقة من المستفيدين، بينما يعاني الغالبية العظمى من الشعب الذين يصل عددهم إلى 8.6 مليون نسمة من الفقر والضغوط الاقتصادية المتزايدة، مبينا أن الإيرادات النفطية، يجب أن تُوزع بشكل عادل على المواطنين وليس أن تترك بيد تجار الدولار والمضاربين الذين يستفيدون من تفاوت سعر الصرف.
وفي ختام حديثه، شدد “حسني بي” على ضرورة تبني سياسات اقتصادية واقعية ومرنة تتماشى مع المتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، كما دعا إلى إعادة تقييم سريع وشفاف لسعر الصرف الرسمي ليعكس التكلفة الحقيقية للإنفاق العام، حفاظًا على الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، موضحا أن السوق الموازي، تظل دائمًا هي المقياس الحقيقي لسعر العملة، وهو ما يجب أن يأخذه مصرف ليبيا المركزي بعين الاعتبار في صياغة سياساته المستقبلية.