تقرير: خارطة الطريق الأممية «مبادرة بلا زمن» وحوار مهيكل بلا جدول واضح
ليبيا – وصف تقرير تحليلي لـمجلة “العربي الجديد” القطري خارطة الطريق الأممية للحل السياسي في ليبيا بأنها “مبادرة بلا زمن” في ظل غموض يحيط بجدولها الزمني، مؤكّدًا أن مصطلح “الحوار المهيكل” ورد في تفاصيل الخارطة بوصفه منبرًا لجميع الليبيين لمناقشة القضايا الوطنية الهامة وصياغة مستقبل البلاد وإيصال أصواتهم إلى قادة ليبيا والمجتمع الدولي.
الحوار المهيكل ومسارات المشاركة
أشار التقرير إلى أن “الحوار المهيكل” يُعد منصة تشاورية واسعة لإشراك مكونات المجتمع في مناقشة قضايا كبرى مثل شكل الدولة وتوزيع الثروات والمصالحة، عبر محاور تشمل الاقتصاد والأمن والحكم الرشيد وحقوق الإنسان، وصولًا إلى رؤية وطنية مشتركة تمهّد للانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة.
غموض زمني وتباين قانوني
أوضح التقرير أن التحركات تجري وسط غموض يلف الجدول الزمني لتنفيذ الخارطة، إذ لم تحدد البعثة الأممية تواريخ واضحة رغم مرور شهر على إعلانها، مع تصاعد مطالب داخلية بإزاحة الأجسام السياسية الحالية بالاستناد إلى الفصل السابع. وبيّن أن رد البعثة تمثّل في التأكيد على أن ولايتها تستند إلى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة (التسويات السلمية)، ما يعني عدم امتلاكها سلطة فرض أو إقالة الحكومات، بينما يقتصر تطبيق الفصل السابع في ليبيا على ملفات محدودة مثل حظر السلاح وتجميد الأصول.
قراءة أكاديمية: تشابك داخلي وخارجي
نقل التقرير عن أستاذ العلوم السياسية أحمد الفايدي قوله: “إن الغموض الذي يحيط بالجدول الزمني للخارطة ليس نتيجة لبطء البعثة الأممية في تفعيل خطواتها فحسب بل يعكس تشابك العوامل الداخلية والإقليمية والدولية التي تجعل من أي محاولة لوضع تواريخ دقيقة ضربًا من التسرع”. وأضاف: “إن الانخراط الأميركي الأخير في الملف الليبي من خلال مسعد بولس مستشار ترامب يمثل مؤشرًا على رغبة واشنطن في إعادة ضبط مسار الأزمة وفق رؤيتها الخاصة ما يعني أن هذا التحرك يمثل إلى جانب نظيره الروسي المماثل فرصة للدفع بمسار الحل السياسي”. وتابع: “إن التزاحم الدولي إلى جانب الخلافات الليبية الداخلية يفسر حالة التريث لدى البعثة الأممية فهي في انتظار أن تتضح ملامح الرؤية الدولية المتشابكة قبل المضي في أي خطوات عملية في وقت تتقاطع فيه هذه التطورات مع مستجدات إقليمية”. وقال: “أبرز هذه التطورات الجدل المتصاعد بين ليبيا وتركيا واليونان بشأن الاتفاق البحري الموقع بين أنقرة وطرابلس حول ترسيم الحدود البحرية واستغلال الغاز في شرق المتوسط ما يضع البلاد في قلب صراع أوسع على الموارد والتحالفات البحرية”. وختم: “هذا الصراع يجعل من الصعب على البعثة الأممية وضع جدول زمني واضح في ظل استمرار إعادة رسم خرائط النفوذ على شواطئ المتوسط… وهي تداخلات تعوق مباشرة أي إمكانية لتحديد مواعيد دقيقة لتنفيذ الخارطة”.
موقف موازٍ: فشل متكرر وغياب المراحل الملزمة والجداول الزمنية
من جانبه قال الباحث السياسي عيسى إهمومة: “إن الغموض المحيط بخارطة الطريق الأممية ليس سوى انعكاس لفشل متكرر في مقاربة الأزمة الليبية وأعلنته المبعوثة الأممية هانا تيتيه لا يتجاوز إطار المبادرة العامة في ظل غياب المراحل الملزمة والجداول الزمنية الواضحة”. وأضاف: “هذا الأمر يجعل من الخارطة عرضة للتجميد مع كل تطور جديد في وقت لم يصدر حيالها أي صدى يذكر في الداخل الليبي لا بالرفض ولا بالقبول، ما يعكس شعورًا متزايدًا بالإحباط من المبادرات الأممية التي تتوالى من دون نتائج ملموسة”. وتابع: “إن تحرك البعثة الأممية نحو تفعيل الحوار المهيكل يعني أنها لا تدرك حجمها وتأثيراتها الطارئة بموازين القوة ما يجعل الحديث عن الحوارات والقوانين الانتخابية التوافقية أو الحكومة الموحدة أو أي مرحلة في خارطة الطريق أمرًا بعيدًا عن الواقع”. واختتم: “إن القوى المسيطرة على الأرض لن تقبل بأي مسار يهدد نفوذها ما يعني أن التغيير عبر أي خارطة أممية يبقى غير ذي جدوى وأن مراحلها المعلنة ليست سوى شكليات سرعان ما تنهار أمام منطق القوة الذي يحكم الساحة الليبية اليوم”.
المرصد – متابعات
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا