العنوان-طرابلس
عبّرت إدارة التأهيل العلمي والتربوي والتوجيه التابعة لمجمع القرآن الكريم عن قلقها العميق تجاه مقترح وزارة التربية والتعليم بتحويل امتحان الشهادة الإعدادية من امتحان وطني إلى سنة نقل، واصفة الخطوة بأنها «مجازفة تربوية» تُعرض المنظومة التعليمية إلى خطر الانحدار نحو الفوضى وفقدان المعايير.
وفي بيان صدر أمس الخميس، أعربت الإدارة عن استغرابها من طرح مقترح بهذا الحجم الحساس من خلال استبيان إلكتروني، دون المرور بمراحل نقاش علمي ومؤسسي رصين، معتبرة أن هذه الخطوة قد تُقوض ثقة المجتمع في صلابة السياسات التعليمية، وتدفع أحد ركائز التقييم الوطني إلى ساحة التأويلات الشعبوية، بعيدًا عن الضوابط المهنية والتربوية المعتمدة.
وشددت الإدارة على أن مرحلة التعليم الإعدادي تُعد نقطة فاصلة في المسار التربوي، تُقاس من خلالها مخرجات التعليم الأساسي، وتُضبط بها جودة العملية التعليمية. واعتبرت أن إلغاء الامتحان الوطني يعني التخلي عن أداة أساسية في عملية الضبط والمعايرة، واستبدالها بتقييم داخلي داخل المدارس، التي ما تزال – بحسب البيان – تعاني من تفاوت كبير في الجودة، وضعف في الرقابة، ومحدودية في الكفاءة.
وأشارت إلى أن نظام التقييم المدرسي الحالي لا يُعد معيارًا محايدًا يمكن الاعتماد عليه، في ظل غياب آليات فعالة للتحقق من النزاهة الأكاديمية، وانتشار شكاوى من تسيّب بعض الإدارات التعليمية، وهو ما يجعل الاعتماد على نتائج العام الدراسي دون اختبار خارجي أشبه بـ«بناء على رمل متحرك».
وفي رد ضمني على من يدعمون المقترح بالاستناد إلى تجارب دولية، قالت الإدارة إن الدول التي ألغت بعض الامتحانات الوطنية اتخذت قراراتها في بيئات تعليمية مستقرة، تحكمها معايير صارمة، وتُدار بأنظمة رقابية متكاملة، بعد سنوات طويلة من التجريب والدراسة، وهو ما لا يتوفر حاليًا في الواقع التربوي المحلي.
وأضاف البيان: «لا يمكن استنساخ نموذج خارجي وإسقاطه على بيئة هشة لم تُستكمل فيها بعد أساسات المنظومة التعليمية»، مضيفة أن أي تغيير جذري يجب أن يسبقه إصلاح عميق في البنية المهنية والأخلاقية والتنظيمية.
ودعت الإدارة إلى التريث في اتخاذ مثل هذا القرار، مطالبة بإجراء دراسات ميدانية دقيقة، ومقارنات علمية بين الوضع القائم والبدائل المطروحة، إلى جانب فتح حوار وطني متخصص تشارك فيه النقابات، والجامعات، والمراكز البحثية، والمجالس التربوية.
كما أوصت بالتركيز أولًا على إصلاح التعليم الأساسي من حيث المناهج، وتدريب الكوادر، وتعزيز الرقابة، قبل التفكير في تعديل أدوات التقييم، مع استحداث آلية وطنية محايدة لتقويم الأداء المدرسي، يمكن الاعتماد عليها كبديل عن الامتحانات فقط حين تكتمل شروط العدالة والكفاءة.
يُذكر أن وزارة التربية والتعليم كانت قد نشرت استطلاعًا للرأي حول هذا المقترح على صفحتها الرسمية، سأل المشاركين: «هل تؤيد تحويل شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي (الإعدادية) من امتحان وطني إلى مرحلة نقل؟»، وقد شارك فيه 244,800 شخص، أجاب منهم 179,234 بـ«نعم» (بنسبة 74%)، مقابل 65,668 أجابوا بـ«لا» (بنسبة 26%).
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا