ليبيا 24:
قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إحاطة أمام مجلس الأمن تناولت خلالها الوضع السياسي والأمني في ليبيا، محاولًة عرض رؤية الأممية للتقدم نحو الانتخابات والحل السياسي.
ورغم ما تضمنته الإحاطة من ملاحظات ومقترحات، إلا أن كثيرًا من المراقبين والمحللين وحتى الشارع الليبي اعتبروا أن المسارات الأربعة التي طرحتها لم تحمل جديدًا، وأنها لا تعكس الطموحات الحقيقية للشعب الليبي.
إخفاقات الأمم المتحدة وتجارب الانتخابات السابقة
لم تستفد البعثة الأممية من تجارب فشل الانتخابات في ليبيا، بدءًا من 7 يوليو 2012، مرورًا بانتخابات 2014، وصولًا إلى الانتخابات المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر 2021، التي جاءت في إطار تفاهم دولي أعاد خيبة الأمل للشعب الليبي وأكد عدم رغبة المجتمع الدولي الفعلية في مساعدة الليبيين.
تغيير المبعوثين المتكرر يعكس عدم استقرار الأمم المتحدة، فكل مبعوث يبدأ من نقطة الصفر، ما يستغرق وقتًا طويلًا دون تحقيق نتائج ملموسة.
إضافة إلى ذلك، يعتقد الكثيرون أن البعثة الأممية غير محايدة، وأنها غالبًا ما ترضخ للأمر الواقع بدل مواجهته، متبنية ازدواجية المعايير، في ظل صعوبة الحل نتيجة الانقسام الدولي داخل مجلس الأمن.
التساؤلات حول فاعلية الخطط الأممية
يطرح الشارع الليبي وتساؤلات المراقبين محورًا أساسيًا: هل الوضع الداخلي من انقسام وانتشار السلاح خارج شرعية الدولة يسمح فعليًا بتنفيذ خطة الأمم المتحدة أم أنها مجرد إجراءات نظرية؟ الوقت مهم، فكيف يمكن إعادة الحوارات من جديد بعد سنوات من تكليف المبعوثة، وماذا كان يتم طوال هذه المدة؟
تشكيل الحكومة: تحديات ومعايير غير متفق عليها
حديث الأمس عن تشكيل حكومة جديدة في ليبيا يثير العديد من التساؤلات الجوهرية: كيف سيتم اختيار هذه الحكومة في ظل التنافس المحموم بين الأطراف المختلفة؟ وما هي المعايير التي سيتم الاتفاق عليها لضمان قبولها من جميع الأطراف؟
تجارب الليبيين مع لجان الحوار السابقة، مثل ملتقيات الصخيرات وجنيف، أظهرت أن هذه اللقاءات لم تؤدِّ إلى حلول عملية، بل ساهمت أحيانًا في تعقيد المشهد السياسي وزيادة الانقسامات. لذلك، يبدو أن الأمم المتحدة تواجه صعوبة كبيرة في إنجاز حل شامل وفاعل في ظل المتغيرات الداخلية والخارجية.
وفي الوقت نفسه، قد تمثل هذه اللحظة الفرصة الأخيرة للأمم المتحدة لتحريك الملف الليبي، خصوصًا مع تحركات أمريكية وإقليمية تهدف إلى جمع الأطراف الليبية حول صيغة تفاهم ما ومع ذلك، من المرجح أن هذا الحل لن يحظى برضا جميع الليبيين، نظرًا لتباين المصالح والاختلافات الإقليمية والسياسية.
الحل من الداخل: الشارع الليبي والأمن أولوية
الحل الحقيقي للأزمة الليبية يبدأ من الداخل، ويتطلب تحرك الشارع الليبي الذي يعاني من أزمات أمنية واقتصادية مستمرة. يجب الاستفادة من التجارب السابقة، خصوصًا إخفاق الانتخابات السابقة، مع الاعتراف بأن جزءًا من الأزمة يكمن في وعي المجتمع بالعملية الانتخابية، وفي الاصطفاف وراء أطراف لا تمتلك إرادة حقيقية أو حلولًا قابلة للتنفيذ، وقد فشلت في تقديم أي نتائج ملموسة.
من جانبها، على الأمم المتحدة أن تدرك أن تركيبة المجتمع الليبي لا تسمح دائمًا بالتعبير العلني عن الرأي لأسباب أمنية، كما هو الحال في العاصمة، وأن غالبية الليبيين يرون أن الحل الأمني يجب أن يكون الأولوية القصوى، حتى تتجدد الإرادة نحو المشاركة في الانتخابات بشكل فعلي وواعد.
وأخيرًا، ليس أمامنا إلا انتظار نتائج الإحاطة ومقترحات هانا تيتيه، ودرجة جدية هذه المقترحات وإمكانية تنفيذها، أم أن الطريق سيُفسح لمبعوث جديد لمتابعة الأزمة.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا